تشهد محافظة حضرموت، هذه الأيام، حراكًا شعبيًا وسياسيًا واسعًا استعدادًا لإحياء الذكرى التاسعة لمعركة تحرير ساحل حضرموت، التي تصادف 24 أبريل من كل عام، وهي المناسبة التي تُعد محطة مفصلية في تاريخ الجنوب الحديث، لما تمثله من انتصار استراتيجي على قوى الإرهاب، وتجسيد لإرادة الجنوب في الدفاع عن أرضه وهويته.
في مثل هذا اليوم من العام 2016، تمكنت قوات النخبة الحضرمية، بدعم من التحالف العربي، من دحر عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي من مدن ومناطق ساحل حضرموت، في عملية عسكرية نوعية عُدّت حينها تحولًا مهمًا في مسار مكافحة الإرهاب في اليمن والمنطقة، ورسخت قدرة الجنوبيين على استعادة المبادرة الأمنية وبسط السيادة على مناطقهم.
ويعتبر الجنوبيون هذه الذكرى مناسبة وطنية بامتياز، تعكس عمق التضحيات التي قدّمتها حضرموت، وتستحضر بطولات أبنائها الذين واجهوا خطر الإرهاب ببسالة، وحرروا مناطقهم من سطوة التنظيمات المتطرفة التي كانت تهدد الأمن والاستقرار، وتفرض واقعًا مرفوضًا بالقوة.
رمزية الانتصار في معركة السيادة
معركة تحرير الساحل لم تكن فقط هزيمة لتنظيم القاعدة، بل شكّلت لحظة وعي جماعي أعادت التأكيد على الحق الجنوبي في تقرير المصير، ورفض المشاريع العابرة التي حاولت النيل من الهوية والسيادة، فقد أثبتت النخبة الحضرمية في تلك المعركة أن الجنوب لا يمكن إخضاعه، وأن امتلاك الإرادة والقدرة على المواجهة هو السبيل لصون المكتسبات الوطنية.
وفي هذا السياق، يقول ناشطون ومراقبون إن الذكرى السنوية لهذه المعركة تمثل تذكيرًا دائمًا بأن الشعوب التي تصنع انتصاراتها بدماء أبنائها، تظل قادرة على حماية مكتسباتها، ومواجهة كل محاولات الاستهداف من الداخل أو الخارج.
رسائل سياسية وشعبية تتجدد كل عام
الاحتفاء الواسع بذكرى التحرير لا يقتصر على الفعاليات الرسمية، بل ينعكس في التفاعل الشعبي والاحتشاد المجتمعي حول رمزية الحدث، في رسالة سياسية واضحة تؤكد تمسك حضرموت بخيارها الجنوبي، ورفضها القاطع لأي مشاريع مشبوهة تحاول فرض نفسها تحت مسميات وذرائع متعددة.
وتُعد هذه الفعالية تذكيرًا سنويًا بأن الجنوب، بكل مكوناته، يقف صفًا واحدًا في وجه أي قوى تحاول إحياء الإرهاب أو تكرار سيناريو الهيمنة، مستندًا إلى تجربة غنية في النضال والتحرر، وإلى قوى عسكرية وأمنية أثبتت قدرتها على صنع الفارق متى ما تطلب الأمر.
قوة تحمي السلام وتمنع التهديدات
ويجمع مراقبون على أن الجنوب العربي، من خلال معارك مثل تحرير حضرموت، قد رسّخ معادلة جديدة تقوم على أن امتلاك القوة الكفيلة بحماية الأرض هو الطريق الأكثر فاعلية لضمان الأمن والاستقرار، في بيئة إقليمية شديدة التعقيد والتداخل.
فالجنوب لا يبحث عن الحرب، لكنه لا يقبل أيضًا أن يُفرض عليه واقع لا يعبر عن إرادته، وهذا ما جسدته قوات النخبة الحضرمية حين تصدت للإرهاب، وحررت الأرض، وأعادت الأمل لملايين الجنوبيين.
الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت ليست مجرد وقفة مع حدث عسكري، بل هي مناسبة لتجديد العهد مع تضحيات الشهداء، وللتأكيد على أن الجنوب لا ينسى معاركه المصيرية، وأن حضرموت ستظل في صدارة المشهد، حارسة للهوية، وسندًا قويًا لمشروع الدولة الجنوبية القادمة.