في سياق التحولات السياسية المتسارعة في اليمن، وفي ظل الأزمات المتفاقمة التي تشهدها البلاد، خصوصًا في المناطق الجنوبية، تأتي تصريحات الباحث والمحلل السياسي الدكتور خالد الشميري لتفتح نقاشًا واسعًا حول مستقبل البلاد وتحديدًا وضع الجنوب.
في تغريدة نشرها على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" ونقلها "العين الثالثة"، حذر الشميري من العجز الذي يعاني منه المجلس الرئاسي في فرض سيطرته على محافظة مأرب، التي تُعد معقلًا رئيسيًا للحكومة اليمنية، وأشار إلى انقلاب جماعة الإخوان المسلمين على اتفاق الرياض الذي كان يهدف إلى تحقيق السلام واستقرار الأوضاع في البلاد من خلال سحب المليشيات من محافظة حضرموت.
عجز الرئاسي وتراخي التنفيذ
اتفاق الرياض، الذي جاء في العام 2019، كان يمثل خطوة حاسمة لتوحيد الأطراف المتنازعة في اليمن تحت مظلة واحدة، وكان ينص على دمج قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الحكومية في هيكل أمني وعسكري موحد، إضافة إلى سحب المليشيات العسكرية المتواجدة في المحافظات الجنوبية وخاصة حضرموت، ولكن حتى الآن، يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين، التي تسيطر على بعض الفصائل في مأرب، قد تراجعت عن التزاماتها.
الشميري يرى أن هذا التراجع ليس مجرد خرق لاتفاق دولي، بل يشير إلى ضعف واضح في قدرة المجلس الرئاسي على فرض سلطته، مما يفتح الباب أمام تفاقم التوترات ويضعف من موقف الجنوب في الساحة السياسية.
الفرصة الأخيرة لاستعادة زمام المبادرة
وأضاف الشميري في تغريدته أن الفرصة ما زالت سانحة لاستعادة زمام المبادرة وتوحيد الصف الجنوبي، وأشار إلى أن "القوة الحقيقية تأتي من الداخل"، وهو ما يعكس الحاجة الملحة إلى توحيد القوى الجنوبية بمختلف أطيافها.
الدعوة التي أطلقها الشميري هي بمثابة تحذير للقادة الجنوبيين، بأن الحل ليس في انتظار مبادرات خارجية أو الاتفاقات التي قد تُجهض بسبب المناورات السياسية الداخلية، بل إن الحل يكمن في بناء قوة جنوبية متماسكة قادرة على الدفاع عن مصالحها وحقوقها بعيدًا عن التدخلات الخارجية.
تحليل الوضع السياسي الجنوبي
تصريحات الشميري تأتي في ظل تزايد الدعوات في الجنوب إلى بناء استقلال ذاتي وتأسيس كيان سياسي قوي قادر على التفاوض مع الأطراف المختلفة في البلاد من منطلق قوة، ولكن تحقيق ذلك يتطلب اتخاذ خطوات جريئة وحازمة، فالجنوب يعاني منذ سنوات من التهميش والتدخلات الخارجية، ما أضعف من قدرته على بناء مؤسسات قوية.
ويرى الشميري أن الوقت قد حان للتحرك بشكل حاسم وكتابة "مستقبل الجنوب" من خلال قيادة سياسية موحدة تعبر عن طموحات وتطلعات الشعب الجنوبي، وهو يرى أن هذه اللحظة الحرجة قد تكون الفرصة الأخيرة لتحقيق هذا الهدف.
التحديات أمام الجنوب
على الرغم من أهمية دعوة الشميري إلى توحيد الصف الجنوبي، إلا أن هناك تحديات كبيرة تواجه هذا الهدف، فالمصالح المختلفة والتباينات بين القوى السياسية الجنوبية قد تعيق أي محاولة لتوحيد الصفوف، إضافة إلى ذلك، التحديات الأمنية والاقتصادية الكبيرة التي تعاني منها المحافظات الجنوبية تمثل عقبة أخرى أمام أي مشروع سياسي مستقل.
الخلاصة أن دعوة الشميري تمثل تحذيرًا واضحًا وصريحًا للقادة الجنوبيين بأن الوقت قد حان للتحرك بشكل جماعي وحاسم.