آخر تحديث :الإثنين - 07 أبريل 2025 - 03:50 م

#الوحدة_اليمنية ليست صنمًا إلا إذا تحول الضب إلى سمكة

الأحد - 06 أبريل 2025 - الساعة 10:38 م

صالح ابوعوذل
الكاتب: صالح ابوعوذل - ارشيف الكاتب



في مطلع العام 2023م، حين كانت "حضرموت" تحشد لإخراج القوات اليمنية الرابضة في الهضبة والوادي منذ غزوة العام 1994م، ظهر موقف سعودي بدا للناس أنه "يخص إدارة الملف اليمني" بقيادة سعادة السفير محمد بن سعيد آل جابر. لكنه كان مخالفًا لموقف التحالف العربي الذي تقوده السعودية، والذي جاء على لسان المتحدث العسكري باسم قوات التحالف، القائل عن قوات "أبي عوجة": "إنها متمردة ولا تخضع لإدارة الرئيس المعزول عبدربه منصور هادي". يومها، هلّل الحضارم لهذا الموقف الشجاع، وقالوا كلمتهم على لسان المحافظ الأستاذ مبخوت بن ماضي: "لا نريد هذه القوات في بلادنا، وعليها أن تذهب لمحاربة الحوثيين إن كانت فعلاً ضدهم".
طائرة شحن عسكرية تهبط في الوادي، ثم تطير بسرعة عالية عائدة ادراجها، ثم نسمع خطابًا متطرفًا تجاه كل شيء: "حضرموت دولة ولها علمها وهويتها". لكن العدو، في نظر البعض، ليست تلك القوات اليمنية التي تهيمن على الثروات منذ ثلاثة عقود، بل قالوا بصريح العبارة: "هذه القوات خط أحمر، لأنها تعبر عن الأمن القومي السعودي".
ثم ما لبثنا بضعة أشهر حتى غرقت منصة "إكس" بخرائط خضراء، وحديث عن العلاقة التاريخية والروابط التاريخية والقواسم المشتركة، ولسان حال كبار التجار الحضارم يقول: "أين اختفت هذه الشعارات حين كنا بحاجة إليها؟".
كانت مطالب الحضارم واضحة وضوح الشمس في كبد السماء: "إخراج القوات اليمنية واستبدالها بقوات النخبة". هذا الأمر أغضبهم، فأشهروا كيانًا جهويًا في وجه الحضارم أولاً، نريد دولة تحفظ للقوات اليمنية الرابضة في الهضبة والوادي "حقها في البقاء"، ثم ارتفعت الأصوات: "سنجعل حضرموت هونغ كونغ السعودية 2030". مشكلة الحضارم أزلية، حتى مع عدن، فقد تعرضت أملاكهم للتأميم من قبل الحزب الاشتراكي الفتاحي، وها هي بلادهم في طريقها للتأميم، ليس بقانون التأميم، ولكن بشعار يُسمى "حضرموت.. هونغ كونغ السعودية 2030"، وهذا العنوان مقتبس حرفيًا من مقالة للكاتب السعودي حجيلان بن حمد.
لكن لنعيد شرح فكرة المطامع هذه بفكرة عبقرية: "نأتي بضب من الصحراء، نركبه زورقًا ونقذفه في البحر بين الأسماك، ثم نطلب منه أن يتغذى على الطحالب البحرية ونقول له: "عش حياتك يا أخضر، هذا نظام غذائي صحي"، فيرد الضب: "شكرًا، كنت أحلم دائمًا بأن أصبح سمكة بلا زعانف".
تظاهر عشرات الآلاف في سيئون على مدى عشر سنوات، وهم يرددون: "اخرجوا هذه القوات، فهي لا تمثلنا ولا نريدها في بلادنا، نريد قوات النخبة منا وفينا". ماذا يعني أن تكون قوات يمنية قادتها على صلة وثيقة بالحوثيين، ولا تخضع لإدارة الرئيس هادي (حينها) - وفقًا لاتهامات متحدث التحالف العربي؟ لكن في حضرموت "الغنية" تتداخل المصالح وتتقاطع، فالمعترضون على "الاتفاق مع الحوثيين، الذي كان من المتوقع توقيعه قبيل غزوة السابع من أكتوبر 2023م في فلسطين" أصبحوا مخيرين بين الموافقة على ذهاب 82% من نفط حضرموت للحوثيين، أو سلخ حضرموت عن محيطها لتبقى "أمنًا قوميًا سعوديًا ويمنيًا".
فهناك من يريد "الكعكة كاملة" ثم سيعطي اليمنيين منها الجزء اليسير مقابل حراسة الموارد الاقتصادية. القوات الرابضة في الوادي لا تكفيها تجارة تهريب الأسلحة والطائرات المسيرة للجماعات المصنفة على قوائم الإرهاب، بل تريد نصيبًا من الكعكة الحضرمية.
هل مشكلة الحضارم مع عدن كما يصورها البعض؟ الإجابة قطعًا لا، بغض النظر عن سوء الإدارة وغياب التمثيل الحقيقي، ليس لحضرموت فحسب، بل لبقية المحافظات المجاورة.
تحت قبة مجلس التعاون الخليجي في أبريل 2022م، وقبيل إزاحة الرئيس هادي، قال السعوديون: "إن موقفهم من اليمن يؤكد على وحدة وسلامة أراضيه"، اتحفنا محررو صحيفة عكاظ بهذه الشعارات كثيراً، تلك الصحية التي جعلت ذات يوم "صعدة في أقصى شمال الشمال اليمني"، محافظة جنوبية ينظم فيه الحراك مظاهرات تطالب بالاستقلال.
"وحدة اليمن وسلامة أراضيه"، تكررت هذه العبارة كثيرًا حتى تشعر أن "مشروع الوحدة أصبح صنمًا أو ضريحًا مقدسًا"، لكن الواقع يؤكد أن الجغرافيا اليمنية أضحت ممزقة، الجنوب، الذي يمتلك قضية وطنية يفترض أنها "شأن يمني خالص"، أصبح مسرحًا لتدخلات لا تخجل من السفور، كأنها عرض أزياء للمصالح الإقليمية: السعودية موجودة، سلطنة عمان تتفرج بهدوء وتتوسط أحيانًا، إيران تضع يدها في النار من بعيد وتبتسم".
الحوثي، الذي كان يومًا مشكلة سعودية كبيرة بسبب التداخل الجغرافي والحدود الطويلة بين البلدين، أصبح الآن نجمًا ساطعًا يتصدر عناوين الأخبار. لم يعد مجرد "انقلاب مدعوم من إيران" يحمل السلاح لقتل اليمنيين ويهتف بالشعارات ويسب الأمريكيين، بل أصبح البعض يمارس "التذاكي" علينا، وكأنه يقول: "سأستخدم الحوثي كما تستخدمه إيران فزاعة". وسط هذا الضجيج، يظهر الحديث عن "تقسيم الجنوب" كبائع متجول في سوق مزدحم، يلوح ببضاعته ويصرخ: "اشتروا الوحدة اليمنية بسعر مخفض، وإلا فانفصال الانفصال وحدة!".
يقولون إن هذه المشاريع والخطابات الرنانة والمظاهرات التي ترفع شعارات مناهضة عودة دولة اليمن الجنوبي السابق هدفها "الحفاظ على اليمن موحدًا". لكن دعونا نكون صرحاء: هذه المسرحية ليست عن الوحدة اليمنية، بل عن إرباك المشهد. الهدف؟ تأخير ظهور أي قوة جديدة في اليمن قد تعكر صفو الحسابات الإقليمية والدولية. الحوثيون، في هذا السياق، ليسوا مجرد مشكلة بالنسبة لأصحاب المصالح المختومة بالختم الصيني، بل أصبحوا أداة ابتزاز مريحة. الجميع يريد أن يبقى "حليب البقرة" يتدفق، شريطة أن يكون كامل الدسم، لا حليبًا خاليًا من المغذيات!
والآن، بما أن الحوثي أصبح "مشكلة عالمية"، يبدو أن أصحاب المشاريع الثانوية – تلك التي تتاجر بالشعارات والمظاهرات – يعتقدون أن دورهم انتهى. نقول لهم: إذا كان الحوثي لم يعد مشكلتكم، فلماذا لا تتحملون فاتورة الحرب؟ أعيدوا البناء، رصفوا الطرقات، أعيدوا الكهرباء، واتركوا اليمنيين يحلون مشاكلهم بأنفسهم. قضايا حضرموت أو عدن أو أي محافظة أخرى هي شأن أهلها، لا شأن لأحد فيها إلا إذا كان لصًا يبحث عن غنيمة، فاللص الذي يتسلل إلى المنازل لسرقتها، لا يخبرهم قبلا أنه سيعيد ترميم المنزل ومسح النوافذ من الأتربة والأوساخ".




شاهد أيضًا

صحفي يحذر الفتيات: صورك الرقمية قد تحمل مخاطر غير مرئية ...

الإثنين/07/أبريل/2025 - 12:32 م

وجه الصحفي ياسر اليافعي، رئيس تحرير موقع "يافع نيوز"، نصيحة هامة للفتيات عبر منشور على صفحته في الفيسبوك، حيث حذر من مخاطر استخدام مواقع الذكاء الاصطن


الريال اليمني يتراجع مجددًا أمام العملات الأجنبية بعد عطلة ع ...

الإثنين/07/أبريل/2025 - 08:40 ص

شهد الريال اليمني تراجعًا جديدًا أمام العملات الأجنبية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، بعد تحسن طفيف سجلته العملة المحلية خلال ع


الضغوط الأمريكية تحول الحوثيين إلى ورقة محترقة في يد طهران ...

الأحد/06/أبريل/2025 - 08:20 م

تدفع الضغوط الأميركية الشديدة جماعة الحوثي نحو التحوّل إلى ورقة محترقة بيد طهران وعبء عليها، ما قد يجبر الأخيرة على التفكير في التخلّي عن الجماعة وترك


شرعية تائهة في لحظة الخلاص.. حين تتصارع الرؤوس وتضيع الدولة! ...

الأحد/06/أبريل/2025 - 08:10 م

في وقت تتكاثف فيه الضربات الدولية ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران، ويُفتح فيه مشهدٌ إقليميٌ غير مسبوق أمام القوى اليمنية لاستعادة المبادرة، تبدو الش