آخر تحديث :الإثنين - 07 أبريل 2025 - 03:50 م

الجنوب واحد وتاريخه متداخل ومشترك والمستقبل يبنى بالكل وللجميع

الأحد - 06 أبريل 2025 - الساعة 07:21 م

صالح شائف حسين
الكاتب: صالح شائف حسين - ارشيف الكاتب



لا بد من الإشارة هنا أولًا بأن ما سأضعه في الفقرات التالية؛ إنما هي مساهمة واجبة ومحاولة متواضعة ومركزة ورغبة في إثراء الجدل الدائر في الآونة الأخيرة وأوجزها بالنقاط التالية:

(1) يضيع المنطق ويفقد حضوره المطلوب في نقاشاتنا وحواراتنا عبر شبكات التواصل ومنصاتها المتعددة؛ وعبر الكثير من المواقع التي تنشر كل ما يصلها دون ضوابط أو معرفة بما يحمله هذا المقال أو ذاك من أضرار على الرأي العام وعلى الحقيقة ذاتها والتي يتم تشويهها وجعلها تتوه أو يتم تجزئتها؛ ويزداد الأمر سوءًا عندما يرتفع صخب النقاش ويسخن الجدل حول أي قضية من قضايانا الوطنية؛ عندما تحركها الانفعالات وردود الأفعال المتسرعة؛ والرغبات وشخصنة الأحداث وتأويلها؛ وإسقاط القناعات الشخصية عليها ودون معرفة أو إلمام بخلفياتها ووقائعها تاريخيا.

وفي وضع كهذا يصبح الأمر متاحًا والباب مفتوحًا أمام كل أعداء الجنوب الذين يجدون في ذلك فرصة مثالية لتسخين الأجواء بحثًا عن ضالتهم في زيادة الشقاق والتمترس بين أبناء الوطن الواحد والقضية الواحدة؛ وهم هنا كل أهل الجنوب؛ من خلال دخولهم على الخط عبر كتاباتهم ومنشوراتهم وتعليقاتهم التي تصب الزيت على النار من ناحية؛ ومن ناحية أخرى يقدمون أنفسهم كما لو أنهم يقدمون (النصائح) للجنوبيين حين يقولون لهم بأن خلاصكم من مشاكلكم وصراعاتكم يكمن ببقاء (الوحدة) وبالدفاع عنها وبغير ذلك فالجحيم بانتظاركم.

(2) التاريخ بما هو تدوينًا واقعيًّا على صفحات الزمن؛ فهو عصي على التزوير والتزييف ولا يقبل التعسف والاختزال؛ وهو لكل ذلك يبقى منسوبًا لصناع أحداثه وتحولاته الكبرى التي عاشها الناس واقعًا في حياتهم ونقلتهم من واقع إلى واقع نوعيًّا آخر؛ وتركت بصماتهم الوطنية والتاريخية في ميادين الحياة المختلفة؛ ولا مجال فيه لاستبدال مرحلة بأخرى لأنها سلسلة من الحلقات المتصلة ببعضها وإن كانت لا تشبه بعضها؛ لأنها في الأخير تشكل بمجموعها ونسقها التاريخي فصولًا واقعية في حياة الشعوب.

وهذا هو حال تاريخ شعبنا في الجنوب الذي يريد البعض اليوم القفز عليه أو التنكر له؛ وإسقاط بعض مراحله التاريخية الفاصلة وكأنها لم تكن؛ كما يحاول البعض ذلك في النظر والتعامل مع ثورة 14 أكتوبر الخالدة في عام 1963؛ والتي توجت بالاستقلال الوطني المجيد في 30 نوفمبر من عام 1967؛ وقيام أول دولة في تاريخ الجنوب الممتد عبر القرون؛ ووحدت أكثر من 23 سلطنة وإمارة ومشيخة في كيان وطني واحد؛ ووضعته بجدارة على خارطة المجتمع الدولي؛ بل ونالت دولته الوطنية المستقلة العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي عام 1989؛ عرفانا بدورها ومكانتها وحضورها الفاعل على الساحة الدولية.

(3) يشكل تاريخ سلطنات وإمارات ومشيخات الجنوب مجتمعة جزءًا أصيلًا من تاريخ جنوبنا الحبيب؛ وهو التاريخ الذي تكون في مراحل مختلفة من التطور المحكوم بظروفه وزمانه وخصائصه وبكل أحكامه وأعرافه؛ وهي أقرب للنظم الاجتماعية - القبلية - المحلية والسابقة بطبيعتها لقيام الدولة الوطنية؛ وبما تمثله من تجسيد لوطن واحد يعيش كل أهله تحت سقفها كمواطنين أحرار متساوين في الحقوق والواجبات؛ في ظل سيادة القانون وحكم المؤسسات.

ومن هذا المنطلق فإن رد الاعتبار لشخصيات ورموز تلك المرحلة السابقة للاستقلال الوطني المجيد؛ لأمر صحيح ومطلوب وبما يضمن مشاركتهم الوطنية والسياسية في معركة نضال شعبنا من أجل استعادة دولته الوطنية الجنوبية المستقلة؛ وسيادتها على كامل خارطة الجنوب الجغرافية والاجتماعية؛ وقد كان لبعضهم أدوار وطنية مشرفة في مناهضة المستعمر البريطاني ومقاومته وبأشكال ووسائل متعددة؛ وهو ما يجعل من تمثيلهم وتواجدهم حق مشروع في مختلف الأطر الوطنية والسياسية المنظمة لكفاح شعبنا في معركته الوطنية والتاريخية الراهنة؛ وعلى قواعد وأسس العمل المتبعة والمنظمة لمختلف هيئات العمل الوطني.

(4) إن لم يكن المستقبل هو الهدف الوطني الأنبل والأعظم والذي يستحق من الجميع التضحية من أجله؛ فلن يكون استدعاء الماضي وجعله وسيلة للثأر السياسي والانتقام الاجتماعي؛ غير سلاح قاتل يصوب دون وعي نحو المستقبل المنشود؛ وهو ما يعرقل خطى شعبنا التواق لاستعادة سيادته وحريته وكرامته الوطنية؛ ومن المؤكد بأن من يضعون بعض محطات الماضي سلاحًا على أكتافهم في معركة الجنوب الوطنية القائمة اليوم؛ إنما يقدمون خدمة مجانية ومن حيث لا يشعرون ربما لأعداء الجنوب على مختلف مسمياتهم وأهدافهم.

(5) تسفيه الآخر أو تخوينه والسخرية من رؤاه وآرائه مهما كانت درجة الاختلاف معها؛ لا تعطي لأي كان أن ينصب من نفسه حكمًا وخصمًا للآخر المختلف؛ لأنه ببساطة هو شريك أصيل للجميع في الوطن وله مالهم وعليه ما عليهم وطنيًّا؛ ومؤسف أن يسقط البعض أخلاقيًّا عندما يجعلون من مفردات الشتم القبيحة وسيلة للنيل من الخصم السياسي مهما كانت المبررات؛ فهذا ليس من الوطنية بشيء وهي حالة تعبر عن إفلاس أصحابها سياسيًّا ووطنيًّا.




شاهد أيضًا

صحفي يحذر الفتيات: صورك الرقمية قد تحمل مخاطر غير مرئية ...

الإثنين/07/أبريل/2025 - 12:32 م

وجه الصحفي ياسر اليافعي، رئيس تحرير موقع "يافع نيوز"، نصيحة هامة للفتيات عبر منشور على صفحته في الفيسبوك، حيث حذر من مخاطر استخدام مواقع الذكاء الاصطن


الريال اليمني يتراجع مجددًا أمام العملات الأجنبية بعد عطلة ع ...

الإثنين/07/أبريل/2025 - 08:40 ص

شهد الريال اليمني تراجعًا جديدًا أمام العملات الأجنبية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، بعد تحسن طفيف سجلته العملة المحلية خلال ع


الضغوط الأمريكية تحول الحوثيين إلى ورقة محترقة في يد طهران ...

الأحد/06/أبريل/2025 - 08:20 م

تدفع الضغوط الأميركية الشديدة جماعة الحوثي نحو التحوّل إلى ورقة محترقة بيد طهران وعبء عليها، ما قد يجبر الأخيرة على التفكير في التخلّي عن الجماعة وترك


شرعية تائهة في لحظة الخلاص.. حين تتصارع الرؤوس وتضيع الدولة! ...

الأحد/06/أبريل/2025 - 08:10 م

في وقت تتكاثف فيه الضربات الدولية ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران، ويُفتح فيه مشهدٌ إقليميٌ غير مسبوق أمام القوى اليمنية لاستعادة المبادرة، تبدو الش