آخر تحديث :الخميس - 16 يناير 2025 - 03:00 م

منوعات


تونسيات يسعين إلى الحفاظ على "الطريزة" وتطويرها

الإثنين - 15 يوليو 2024 - 09:16 م بتوقيت عدن

تونسيات يسعين إلى الحفاظ على "الطريزة" وتطويرها

العين الثالثة/ عتق

بأناملها الصغيرة وفي تركيز تام تنطلق الحرفية هبة الكرامتي، المختصة في الابتكار اليدوي (الطريزة) بزيها المميز التقليدي، في رسم الشكل المطلوب على قطعة من القماش الأبيض الناصع، داخل دكان خالتها بأحد أحياء مدينة قعفور من محافظة سليانة. ببراعة وخفة في الحركة تضع هبة “القرقاف” وتفرش فوقها قطعة القماش، ثم تنطلق في عملية التطريز بأجود أنواع الخيط، لتغرس الإبرة بيدها اليمنى وتسحبها بيدها اليسرى وتكرر العملية إلى أن تتشكل اللوحة بألوان زاهية ومتناسقة.

تحدثت الشابة هبة لصحافية وكالة تونس أفريقيا للأنباء عن نشاطها لتقول إنها تعمل في مجال “الطريزة” منذ سنة ونصف السنة تقريبا، وهي أصغر حرفية، وقد اكتسبت الحرفة عن خالتها التى تمارسها منذ 20 سنة تقريبا، وأضافت أنها لم تكن تفكر في هذا المجال، وكان دخولها عالم الابتكار بمحض الصدفة بعد أن اكتشف مدرس أحد أبناء الجيران -ساعدته على الرسم في إطار دراسته- براعتها، ونصحها باستغلال مهارتها في عمل جاد وقالت مبتسمة “انطلقت بمزحة فوجدت ضالتي في حرفة التطريز اليدوي”.

تعلمت هبة الحرفة عن خالتها وأتقنتها، ودعمت معارفها بتقنيات جديدة في “التطريز”، فهي تسعى للحفاظ على إرث الأجداد وتطويره، وتعتبر ما تصنعه من منتوج بمثابة فلذة كبدها، لا تستطيع أن تفارقه والتخلي عنه إلا بعد الانتهاء من تصميمه، وهي عملية تستغرق من خمسة أيام إلى أكثر من أسبوع، ما يجعلها تتحلى كثيرا بالصبر ويكسبها ثقة في النفس، وتؤكد خالتها أنها سرعان ما أتقنت الحرفة وتسعى دائما لتطويرها مرجحة أنها ستصبح من الخبيرات في هذا المجال رغم صغر سنها. تمرر الخيط بنظرة ثاقبة وتركيز، مواصلة عملية “التطريز”، وبنبرة غلب عليها التعب تقول هبة إن طول ساعات العمل يخلف آلاما في الكتفين والعينين، لافتة في المقابل إلى أن أسعار المنتوج تتراوح بين 25 و35 دينارا حسب المحتوى (بسيط أو مركب)، مضيفة أن التطريز اليدوي مهنة قديمة ومتوارثة تأبى الاندثار، غير أن الحرفيات المختصات يواجهن صعوبة في ترويج منتوجهن، وهو ما يستوجب توفير فضاء على مستوى محلي أو جهوي يحتويه. كما أعربت عن رغبتها في المشاركة فى دورات تكوينية لتطوير مجال عملها واكتساب المزيد من الخبرة.

في أحد أركان المنزل، وبمهارة كبيرة، تمرر خالتها بية الكرامتي الخيوط واحدا تلو الآخر بين خيوط “السداية” المعروفة بـ”الجداد” وتضربها بسرعة فائقة بـ”الخلالة”حتى تلتحم الخيوط مع بعضها البعض لسد الفراغات، قائلة لصحافية “وات” إنها كونت أجيالا منذ سنة 1984 في النسيج والطريزة، ومشيرة إلى أن عددهن في انخفاض من سنة إلى أخرى نظرا لغلاء الأسعار وصعوبة الحرفة اليدوية وعدم توفر المواد الأولية، فهي تضطر إلى كراء سيارة مقابل 150 دينارا لجلب الصوف من محافظة القيروان.

ودعت إلى توفير نقطة بيع للحرفيات لتسهيل ترويج المنتوج، مشيرة إلى أن التنقل لعرض المنتوج في فضاء العرض بالكرم في العاصمة ضمن إطار معرض الصناعات التقليدية مكلف، حيث يصل معلوم كراء مكان العرض إلى 1500 دينار، بالإضافة إلى المصاريف الأخرى.

وتقول سنية الخياري، وهي من مدينة نابل بالشّرق التونسي التي قضّت أكثر من 35 سنة مع الحرفة، “التطريز فن جميل يتطلب صبرا ومثابرة كبيرين ويعلّم صاحبه الدّقة في كل شيء”. وتتلمذت الخياري على يد والدتها وجدّتها منذ الصّغر وتعلّمت منهما أصول تطريز اللباس التقليدي الخاص بالعرائس في نابل.

ومن بين الأزياء التقليدية التي تنتجها سنية “الدُخلة” و”المرساويات” و”التَبديلة” (فساتين نسائية تقليدية) وتستعمل في حياكتها “التَل” و”العدس” و”الكونتيل” و”العقيق” (مواد خاصة لتزيين وتزويق الثوب التقليدي) فضلا عن “الحَائك” و”الساتان” (نوع من الأقمشة).

وتقول الخياري إن سعر “الدخلة” يصل إلى 5 آلاف دولار أميركي فما فوق، ما جعل إمكانية اقتنائها من قبل أهل العروس أمرا صعبا لذلك أصبحت العرائس يلتجئن إلى استئجارها والتزين بها في أعراسهن.

أما سعر “التّبديلة” فيتراوح بين ألف وألفي دولار وترتديها العروس في السهرة المخصصة لـ”الحنة” وتستعمل سنية في حياكتها خيوطا من الذهب وتقول إنّ “سعر 100 غرام من هذا الخيط يتجاوز 360 دينارا تونسيا (200 دولار) وهي تتطلب من 4 إلى 5 كُبب (لفة خيوط)”. وتضيف الحرفية أن “أهالي نابل وعلى الرّغم من تطور نسق الحياة والتصاميم والموضة إلا أنهن بقين متشبثات بما يسمونه الفوطة والبلوزة وهي أيضا زي تقليدي ترتديه الفتيات في السهرة الخاصة بحنة العروس التي زاد عليها الإقبال أكثر فأكثر”.

وَتشير الخياري أيضاً إلى “أنه تم تطويع هذه الأزياء بما يجعلها مواكبة للعصر وللتصاميم الحديثة التي ترغب فيها الفتيات أكثر كأن تتم حياكة ملابس عصرية وتضاف إليها بعض النقوش أو الطريزة أو حَرج (زينة على أطرف الفستان)، وهو ما يزيد الطلب عليها في كل الأعراس والمناسبات”. وبحسب الخياري فإن “زي المرساوي” تم تغييره الآن بفساتين السهرات التي تحمل هي الأخرى نزعة تقليدية وعودة إلى التزويق والنقوش التقليدية.

وعلى الرّغم من عودة التونسيين إلى أصالتهم وجذورهم وتشبثهم بها إلا أن الحرفية سنية الخياري تشير إلى أن “أبرز مشكلة تعترض هذه الحرفة هي عدم وجود يد عاملة قادرة على القيام بمهام التطريز والحياكة ولها من الصبر ما يكفي لإنجاز قطع بدقة وحرفية عالية، ففستان واحد يتطلب منا 3 أشهر فما أكثر حتى يصبح جاهزا للبس”.

إضافة إلى ذلك -بحسب الحرفية- “هناك مشكلة أخرى تكمن في عدم وجود برامج حكومية لتمويل مثل هذه المشاريع لاسيما بالنسبة إلى المبتدئين، فليس من الهين على حرفي في بداية مشواره أن يكون قادرا على اقتناء المواد الأولية باهظة الثمن، كما أن عمله في البداية لن يكون متقنا بالمستوى المطلوب وهو ما يستوجب من البعض الإعادة والتجربة مرات كثيرة حتى يصل في نهاية المطاف إلى مبتغاه وإلى قطعة تعجب الحرفاء ولاسيما العرائس”.

شاهد أيضًا

السفير خالد بحاح يلتقي إعلاميي الجالية اليمنية في القاهرة وي ...

الأربعاء/15/يناير/2025 - 04:37 م

التقى السفير خالد بحاح بعدد من إعلاميي الجالية اليمنية في القاهرة، حيث تناول الاجتماع جملة من القضايا التي تواجه الجالية، مع التأكيد على دور السفارة ف


بين الأرقام الصادمة والواقع المأزوم: هل يستطيع مجلس القيادة ...

الثلاثاء/14/يناير/2025 - 05:00 م

يشهد اليمن منذ سنوات تصاعدًا في حجم الفساد داخل مؤسسات الدولة، حيث بات هذا الملف تحديًا رئيسيًا أمام أي جهود لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها، في هذا السي


فساد السلك الدبلوماسي: كيف تحولت السفارات اليمنية إلى مراكز ...

الثلاثاء/14/يناير/2025 - 04:00 م

في الوقت الذي يتطلب فيه الوضع اليمني تحركًا دبلوماسيًا فعالًا للدفاع عن القضايا الوطنية في الساحات الدولية، تواجه وزارة الخارجية اليمنية اتهامات بتكري


الريال اليمني ينافس الجاذبية.. سقوط بلا نهاية! ...

الثلاثاء/14/يناير/2025 - 09:15 ص

شهدت أسعار صرف الريال اليمني انهيارًا غير مسبوق صباح اليوم الثلاثاء، 14 يناير 2025، حيث استمرت العملة الوطنية في فقدان قيمتها أمام العملات الأجنبية في