تفاقمت أزمة الكهرباء في مدينة عدن بشكل مزمن، مما جعل أي مبادرة أو دعم يُعلن عنه يُنظر إليه بعين الأمل من قبل المواطنين. مؤخرًا، أعلنت وسائل الإعلام عن حملة جديدة أطلقها نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ومحافظ مأرب، سلطان العرادة، تتعلق بتقديم شحنة مازوت لدعم كهرباء عدن، وعلى الرغم من الأمل الذي أثارته هذه المبادرة، إلا أن التقييم الواقعي لما حدث يفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة حول جدوى هذا الدعم وطبيعته.
الكميات المعلنة.. هل كانت كافية؟
وفقًا للتقارير الرسمية، فإن الكميات التي تم تقديمها من المازوت كانت محدودة للغاية، بالكاد تغطي احتياجات تشغيلية مؤقتة لبعض محطات الكهرباء، هذه الكميات، رغم ترحيب البعض بها باعتبارها خطوة في الاتجاه الصحيح، بدت للبعض الآخر أقرب إلى "حلول ترقيعية" غير قادرة على التخفيف من المعاناة اليومية التي يعيشها المواطنون في عدن بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي.
أحد العاملين في قطاع الكهرباء، فضل عدم الكشف عن اسمه، قال: "الشحنة المقدمة لا تكفي لتشغيل المحطات لأكثر من أيام قليلة، الأزمة تتطلب توفيرًا مستدامًا للوقود وصيانة للمحطات، وليس مجرد شحنات عابرة."
حملة إعلامية أم دعم حقيقي؟
ما أثار الجدل بشكل أكبر هو الطابع الإعلامي الضخم الذي رافق هذه المبادرة، فالحملة التي شملت تصريحات رسمية وإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي اعتُبرت من قبل البعض محاولة سياسية للترويج لشخصية العرادة أكثر مما هي مبادرة لحل الأزمة.
المواطن محمد سعيد، أحد سكان عدن، عبّر عن استيائه قائلاً: "نحن بحاجة إلى حلول جذرية، وليس إلى حملات إعلامية موسمية. لماذا يتم استخدام معاناتنا كأداة لتلميع الصورة؟"
الآراء في الشارع الجنوبي
الشارع الجنوبي، الذي يعاني منذ سنوات من أزمات متكررة في الكهرباء والمياه والخدمات الأساسية، بدا أكثر انتقادًا لهذه الخطوة، يرى كثيرون أن الدعم الذي قدمه العرادة كان يجب أن يكون ضمن خطة شاملة ومستدامة بالتنسيق مع الجهات المعنية في عدن، وليس على شكل مبادرات فردية مؤقتة.
مراقبون جنوبيون أشاروا إلى أن مثل هذه المبادرات تُستغل سياسيًا لتلميع شخصيات سياسية أو لتسجيل نقاط في معارك النفوذ، بينما تبقى المشكلة الأساسية دون حلول.
ما الحل؟
يتفق خبراء الطاقة والمواطنون في عدن على أن الحل الوحيد لأزمة الكهرباء في المدينة يكمن في اعتماد استراتيجية شاملة تشمل:
-
توفير وقود مستدام للمحطات الكهربائية من خلال اتفاقيات طويلة الأمد مع مزودي الوقود.
-
إعادة تأهيل محطات الكهرباء المتدهورة لضمان كفاءتها.
-
إدخال مصادر طاقة بديلة مثل الطاقة الشمسية لتخفيف الاعتماد على الوقود التقليدي.
-
تعزيز الرقابة والشفافية في إدارة الدعم الخارجي والموارد المحلية.
بينما تتواصل معاناة المواطنين في عدن مع انقطاعات الكهرباء اليومية، فإن مثل هذه المبادرات المؤقتة لا تقدم سوى حلول قصيرة المدى، الأهم من الدعم الإعلامي هو الالتزام بإيجاد حلول جذرية ومستدامة تخفف العبء عن كاهل السكان، وتعيد لهم الثقة في القيادات المحلية والوطنية، وحتى ذلك الحين، سيظل المواطنون في عدن يطرحون نفس السؤال: هل نحن أمام دعم حقيقي أم مجرد حملة دعائية أخرى؟