آخر تحديث :الجمعة - 21 فبراير 2025 - 05:34 م

مذكرة تفسيرية قانونية حول العيوب الجوهرية في وثيقة إنهاء عقود الطاقة المشتراة في عدن

الأربعاء - 19 فبراير 2025 - الساعة 10:29 م

جسار مكاوي
الكاتب: جسار مكاوي - ارشيف الكاتب


إلى من يهمه الأمر..
الموضوع: تحليل قانوني للعيوب الجوهرية في وثيقة إنهاء عقود شراء الطاقة المشتراة في عدن

تحية طيبة وبعد..
في ضوء المراجعة الدقيقة للوثيقة الصادرة بشأن إنهاء عقود الطاقة المشتراة في محافظة عدن، يتبين أنها تعاني من نواقص قانونية وإدارية جوهرية تجعلها عرضة للطعن القانوني، مما قد يؤدي إلى تعثر تنفيذها أو تحميل الدولة التزامات مالية غير محسوبة.

أولًا: العيوب القانونية في الوثيقة

1. عدم الإشارة إلى الأساس القانوني الحاكم لإنهاء التعاقدات الحكومية

الوثيقة خلت تمامًا من أي استناد إلى القوانين النافذة ذات العلاقة، مثل:

قانون المناقصات والمزايدات رقم (23) لسنة 2007، الذي ينظم آلية إبرام وإنهاء العقود الحكومية.

قانون الكهرباء رقم (1) لسنة 2009، الذي يحدد ضوابط التعامل بين الحكومة والقطاع الخاص في مجال الطاقة.

القانون المدني وقانون العقود الإدارية، اللذين يفرضان شروطًا واضحة لإنهاء العقود دون الإضرار بالمصلحة العامة أو تعريض الدولة للمساءلة القانونية.

غياب هذه الإحالات القانونية يجعل الوثيقة ضعيفة الحجة، ويتيح للشركات المتعاقدة فرصة الطعن أمام القضاء أو اللجوء للتحكيم الدولي.

2. عدم وجود جدول زمني واضح لعملية الإنهاء

الوثيقة لم تحدد إطارًا زمنيًا تدريجيًا يسمح بإنهاء التعاقد دون الإضرار بالخدمة العامة.

عدم وجود خطة انتقالية بديلة يجعل أي توقف مفاجئ للطاقة المشتراة يؤدي إلى أزمة كهربائية، مما قد يعرض الحكومة للمساءلة أمام الرأي العام.

3. عدم تضمين آلية لمعالجة النزاعات والتظلمات

أي قرار إداري بإلغاء أو إنهاء عقد يجب أن يتضمن آلية قانونية تتيح للطرف المتضرر حق التظلم، وفق ما نصت عليه القوانين النافذة.

غياب أي إشارة إلى إمكانية الاعتراض، أو حتى تحديد الجهة المختصة بالنظر في أي طعن، يفتح المجال أمام الشركات للجوء للقضاء مباشرة، مما قد يؤدي إلى تعطيل القرار.

4. إغفال معالجة الحقوق المالية المترتبة على الإنهاء

الوثيقة لم تحدد آلية واضحة لتسوية المستحقات المالية بين الحكومة والشركات المتعاقدة، مما قد يؤدي إلى دعاوى تعويض ضخمة ضد الدولة.

غياب أي ذكر لمراجعة الفواتير والمديونيات يفتح المجال أمام نزاعات مالية غير محسوبة.

ثانيًا: العيوب الإدارية واللغوية في الوثيقة

1. ضعف الصياغة القانونية واللغة المستخدمة

الوثيقة تحمل أسلوبًا غير احترافي ومبهمًا، وتفتقر إلى الدقة القانونية اللازمة في مثل هذه القرارات ذات الطابع الحساس.

كثير من العبارات المستخدمة ذات طابع إنشائي، بدلاً من أن تكون نصوصًا قانونية مُحكمة تضمن قوة التنفيذ وتحمي القرار من الطعن.

2. غياب الهيكل الإداري السليم للإجراء

لم يتم تحديد الجهة المختصة بالإشراف على تنفيذ القرار، سواءً كانت المؤسسة العامة للكهرباء، وزارة الكهرباء والطاقة، أو لجنة وزارية مختصة.

لم يتم الإشارة إلى أي لجان فنية أو قانونية تقوم بمتابعة تنفيذ الإنهاء، مما يضعف من مصداقية القرار ويجعله غير قابل للتنفيذ السليم.

3. عدم تضمين بدائل واضحة لتغطية العجز الناتج عن إنهاء العقود

من غير المنطقي إنهاء عقود الطاقة المشتراة دون ذكر خطة واضحة لتعويض الفاقد من الطاقة، سواءً عبر مشاريع توليد حكومية أو التعاقد بشروط أفضل مع شركات أخرى وفقًا لقانون المناقصات.

هذا الخلل قد يؤدي إلى انقطاع الكهرباء وزيادة الأزمة، مما قد يثير حالة من الاستياء الشعبي والمسؤولية السياسية.

ثالثًا: الثغرات التي يمكن استغلالها للطعن في القرار

بسبب ما سبق، فإن أي شركة متعاقدة يمكنها الطعن في القرار أمام القضاء استنادًا إلى النقاط التالية:

1. عدم استناد القرار إلى قانون نافذ يحكم إنهاء التعاقدات الحكومية.

2. عدم منح الشركات فرصة لتقديم تظلمات أو مراجعة القرار قبل تنفيذه.

3. عدم تحديد التزامات الدولة تجاه الشركات فيما يخص المستحقات المالية.

4. التسبب في إخلال مفاجئ بعقد توريد خدمة عامة أساسية دون توفير بدائل واضحة، مما قد يصنف على أنه قرار تعسفي.

رابعًا: التوصيات لمعالجة هذه العيوب

لتجنب الطعون القانونية وضمان تنفيذ القرار بشكل صحيح، يجب:

1. إعادة صياغة الوثيقة بما يتوافق مع القوانين النافذة، مع إدراج الإحالات القانونية الملزمة.

2. إدراج جدول زمني واضح لإنهاء التعاقدات بشكل تدريجي، بحيث لا تتأثر الخدمة العامة.

3. تحديد آلية لتقديم التظلمات أو الاعتراضات القانونية، بما يضمن عدالة القرار ويحميه من الإلغاء.

4. إدراج نصوص صريحة حول تسوية المستحقات المالية، لتجنب أي مطالبات غير محسوبة.

5. إعداد خطة بديلة لتعويض الفاقد من الطاقة، بحيث لا يتسبب الإنهاء في أزمة كهرباء.

ختامًا.. إن الوثيقة بوضعها الحالي تعاني من أوجه قصور جوهرية، تجعلها قابلة للطعن قانونيًا، وهو ما قد يعرقل تنفيذها أو يحمّل الدولة أعباء مالية وقضائية غير مبررة. وعليه فإننا نوصي بضرورة إعادة النظر في صياغتها وإصدارها بصيغة قانونية مُحكمة، تستند إلى التشريعات النافذة، وتضمن التنفيذ السليم دون الإضرار بالمصلحة العامة.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير




شاهد أيضًا

الإعدام لمدانين يمنيين في مصر بجريمة مروعة بحق طفل! ...

الجمعة/21/فبراير/2025 - 05:00 م

أصدرت محكمة مصرية حكمًا بالإعدام شنقًا بحق متهمين يمنيين بعد إدانتهم بالاعتداء على طفل في حي الدقي بمحافظة الجيزة. وجاء الحكم بعد استكمال إجراءات التق


الفساد النفطي في اليمن.. تهريب الغاز يكشف تواطؤ الأطراف ونهب ...

الجمعة/21/فبراير/2025 - 04:20 م

في ظل استمرار الفساد المنظم في قطاعي النفط والغاز، تتكشف فضيحة جديدة تتعلق بعمليات تهريب غير شرعية للغاز المنزلي إلى دول الجوار، باستخدام وسائل بدائية


عدن تستقبل رمضان بجيوب فارغة وأسواق راكدة.. أزمة اقتصادية تخ ...

الجمعة/21/فبراير/2025 - 04:00 م

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تعيش مدينة عدن والمحافظات الجنوبية في اليمن أزمة اقتصادية خانقة تُلقي بظلالها على حياة المواطنين، حيث يواجه الأهالي صعوبا


الريال اليمني بين عدن وصنعاء.. عملة واحدة بأسعار متعددة! ...

الخميس/20/فبراير/2025 - 07:45 م

شهدت أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني تباينًا ملحوظًا بين العاصمة عدن والعاصمة اليمنية صنعاء، اليوم الخميس، 20 فبراير 2025، في ظل استمرا