آخر تحديث :الجمعة - 24 يناير 2025 - 03:43 ص

قرار ترامب يضع عيدروس الزُبيدي على أعتاب فرصة تاريخية

الجمعة - 24 يناير 2025 - الساعة 01:56 ص

هاني سالم مسهور
الكاتب: هاني سالم مسهور - ارشيف الكاتب



​مع إعلان الولايات المتحدة تصنيف جماعة الحوثي كجماعة إرهابية، دخل الملف اليمني مرحلة جديدة قد تكتب نهاية مسار التسوية السياسية التي استنزفت أكثر من ستة أعوام من متاهة التسوية السياسية الأممية. هذا التحول يعيد صياغة المعادلة الإقليمية، حيث يبدو أن الأطراف الدولية والإقليمية بدأت تقتنع بأن الحل السياسي مع الحوثيين لم يكن سوى سراب يقود إلى تعميق الأزمة وتعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة.

تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية ليس مجرد خطوة رمزية، بل يحمل دلالات عميقة. فهو يعكس توجها أميركيا جديدا للتعامل مع هذا الملف من زاوية أكثر حزما، ويمهّد الطريق أمام إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية والدولية في اليمن. لكن السؤال الأهم: كيف ستتعاطى السعودية مع هذا التطور؟ وهل يمكن أن تنخرط قوى إقليمية عربية في تحالف دولي للقضاء على الجماعة؟ وما هو مصير المجلس الرئاسي في ظل تصاعد دور الجنوب وقوة المجلس الانتقالي سياسيا وعسكريا بقيادة عيدروس الزبيدي؟

السعودية تجد نفسها اليوم أمام مفترق طرق إستراتيجي. فهي لم تعد قادرة على تجاهل حقيقة أن الحوثيين أصبحوا أداة إيرانية مباشرة لزعزعة أمن المنطقة. والتصنيف الأميركي قد يمنحها فرصة لإعادة تشكيل إستراتيجيتها العسكرية والدبلوماسية. فبعد سنوات من الحرب التي أرهقت المنطقة دون تحقيق حسم واضح، قد ترى الرياض في هذه الخطوة فرصة لتعزيز الضغوط على الحوثيين، سواء عبر تصعيد العمليات العسكرية أو من خلال بناء تحالف دولي أوسع يضم قوى إقليمية ودولية.

ورغم ذلك، يظل السؤال قائما: هل السعودية مستعدة لقيادة تصعيد عسكري جديد؟ التصعيد هذه المرة لن يكون مجرد مواجهة تقليدية مع الحوثيين، بل سيكون بمثابة اختبار جديد لإستراتيجية الردع في المنطقة. نجاح السعودية في تحقيق حسم عسكري يتطلب توافقا إقليميا، وضمان الدعم الدولي، خاصة من الولايات المتحدة التي قد تكون أكثر استعدادا لدعم عمليات مباشرة ضد الحوثيين بعد تصنيفهم كجماعة إرهابية.

إمكانية انخراط قوى عربية أخرى في تحالف دولي للقضاء على الحوثيين أصبحت أكثر وضوحا، خصوصا أن تهديدات الحوثيين لم تعد مقتصرة على اليمن وحده. الإمارات ومصر، على سبيل المثال، قد تلعبان دورا محوريا في هذا التحالف. بالنسبة إلى مصر، فإن استمرار الهجمات الحوثية على الملاحة في البحر الأحمر يجعلها ترى في التحالف الدولي أداة ضرورية لحماية مصالحها الاقتصادية والأمنية. فالهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر كبّدت مصر خسائر تتجاوز 7 مليارات دولار في قناة السويس. إضافة إلى ذلك، فإن مصر، التي لعبت دور الوسيط في وقف الحرب بين إسرائيل وحماس، تجد نفسها بحاجة إلى ضمان ألا تتحول التهديدات الحوثية إلى عامل جديد يعقّد الأمن الإقليمي.

إلى جانب التصعيد ضد الحوثيين، ينبغي على التحالف العربي أن يلتفت إلى ضرورة معالجة الخلل الداخلي في المشهد العسكري اليمني. فتفكيك القوى العسكرية الموالية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن هو شرط أساسي لضمان نجاح أي تحالف ضد الحوثيين. هذه الجماعات أظهرت في أكثر من مناسبة استعدادها لطعن التحالف العربي في الظهر، كما حدث خلال عملية عاصفة الحزم. انحراف بعض القوى المحسوبة على الإخوان عن الأهداف المشتركة للتحالف كان كارثيا، وأسهم في إطالة أمد الحرب وزيادة معاناة اليمنيين. استمرار وجود هذه القوى العسكرية يشكل تهديدا للأمن الإقليمي واستقرار اليمن، حيث يمكنها في أي لحظة إعادة تكرار سيناريو الخيانة أو التواطؤ مع جهات معادية. لذا، فإن إعادة بناء المشهد العسكري في اليمن يجب أن تتضمن خطة واضحة لإضعاف نفوذ جماعة الإخوان وتفكيك بنيتها العسكرية لضمان عدم تكرار أخطاء الماضي.

في ظل التحولات الراهنة، يبدو الجنوب بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي في موقع استثنائي يمكن أن يلعب دورا محوريا في مستقبل اليمن. عيدروس الزبيدي، كشخصية قيادية تحظى بدعم شعبي واسع وقوة عسكرية ضاربة، يُنظر إليه كمرشح قوي لقيادة المجلس الرئاسي إذا ما تمت إعادة هيكلته. الزبيدي يمثل الجنوب ككيان سياسي وعسكري مستقل، وهو الوحيد بين أعضاء المجلس الرئاسي الحالي الذي يتمتع بهذا القدر من النفوذ والقدرة على فرض الحقائق على الأرض.

إعادة هيكلة المجلس الرئاسي ليست مجرد خطوة إدارية، بل قد تكون جزءا من إعادة صياغة المشهد السياسي في اليمن. السعودية والإمارات قد تدركان أن منح الجنوب دورا أكبر في قيادة المرحلة المقبلة قد يحقق مكاسب إستراتيجية حاسمة، ليس فقط في مواجهة الحوثيين، بل أيضا في إعادة التوازن إلى الداخل اليمني. الجنوب، الذي لطالما كان حليفا موثوقا في الحرب ضد الحوثيين، أثبت قدرته على فرض الأمن في مناطقه والعمل بفاعلية كشريك إستراتيجي لدول التحالف.

صفقة استقلال الجنوب مقابل هزيمة الحوثيين قد تكون الحل العملي الوحيد لإنهاء الصراع. هذه الصفقة قد تحقق توازنا إقليميا، حيث يمكن أن يصبح الجنوب شريكا إستراتيجيا لدول التحالف العربي، مما يضمن استقرار المنطقة ويضع حدا للتدخلات الإيرانية. استقلال الجنوب ليس فقط مطلبا جنوبيا بل هو خيار منطقي لضمان استقرار طويل الأمد في اليمن. فالجنوب يمتلك الموارد والبنية التحتية الكافية لبناء دولة مستقرة، بالإضافة إلى قاعدة شعبية تدعم الاستقلال.

ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الصفقة يتطلب رؤية شاملة تستند إلى ضمانات دولية وإقليمية، بما يضمن استقرار الجنوب وعدم تأثير استقلاله سلبا على المصالح الإستراتيجية لدول المنطقة. كما أن التحالف العربي يجب أن يعمل على تقديم دعم سياسي واقتصادي للجنوب لضمان نجاح هذه الخطوة.

اليمن اليوم عند نقطة الحقيقة، حيث لم تعد التسويات السياسية تجدي نفعا، وأصبح من الواضح أن الحل الوحيد يكمن في حسم المعركة عسكريا وسياسيا. الحوثيون، كأداة إيرانية، يمثلون تهديدا يتجاوز حدود اليمن إلى المنطقة بأسرها، مما يجعل القضاء عليهم مصلحة إقليمية ودولية.

في المقابل، الجنوب يقدم نموذجا لدولة قادرة على تحقيق الاستقرار ومواجهة التحديات، إذا ما تم منحه الفرصة لاستعادة دولته. ولعل هذه اللحظة تمثل فرصة للجنوب لتأكيد شرعيته كجزء أساسي من الحل في اليمن، وليس مجرد طرف في الصراع. السعودية، بدورها، عليها استغلال هذه اللحظة لقيادة تحول حقيقي في اليمن بالتنسيق مع قوى دولية وإقليمية.

ما يحدث اليوم في اليمن ليس مجرد أزمة داخلية، بل هو جزء من صراع إقليمي ودولي أوسع. التصنيف الأميركي لجماعة الحوثي كإرهابية قد يكون الشرارة التي تعيد رسم خارطة الصراع في المنطقة. ومع ذلك، يبقى النجاح مرهونا بقدرة الأطراف الإقليمية والدولية على اتخاذ قرارات حاسمة تحقق التوازن بين المصالح المحلية والإقليمية.

الجنوب، بقيادة عيدروس الزبيدي، يقف على أعتاب فرصة تاريخية لفرض نفسه كفاعل رئيسي في المعادلة. والسعودية، بدورها، لديها فرصة لإعادة صياغة إستراتيجيتها وتحقيق أهدافها في اليمن من خلال تحالفات جديدة ورؤية شاملة للحل. في النهاية، قد تكون هذه اللحظة هي بداية النهاية للصراع في اليمن، لكنها أيضا قد تكون بداية جديدة لصياغة واقع سياسي يحقق الاستقرار والازدهار للمنطقة بأسرها.

نقلا عن "العرب اللندنية"




شاهد أيضًا

لحج: محاولة اغتيال فاشلة لضابط أمن بعبوة ناسفة ...

الجمعة/24/يناير/2025 - 02:11 ص

أفادت مصادر محلية بأن ضابطًا في البحث الجنائي بشرطة لحج، يدعى نصر ناجي اليافعي، نجا من محاولة اغتيال فجر اليوم الجمعة، إثر انفجار عبوة ناسفة استهدفت ط


المجلس الانتقالي الجنوبي يؤكد دعم القرار الأمريكي ويحث على ا ...

الخميس/23/يناير/2025 - 04:08 م

رحب المجلس الانتقالي الجنوبي بقرار الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بتصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية أجنبية"، معتبرًا هذه الخطوة حاسم


رهانات الجنوب على الغرب.. هل تقرأ تصريحات الزُبيدي مستقبل ال ...

الخميس/23/يناير/2025 - 10:15 ص

في ظل ما يشهده اليمن من تعقيدات سياسية وعسكرية، جاءت تصريحات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزُبيدي، التي دعا فيها الغرب إلى استهداف قيادة الح


هل يضع العليمي يده على ثروات شبوة؟ فضيحة جديدة تهدد الاستقرا ...

الأربعاء/22/يناير/2025 - 08:01 م

في تطور لافت يكشف عن عمق الفساد المستشري داخل السلطة الحاكمة، كشفت مصادر خاصة لصحيفة "الأمناء" عن قرار شركة OMV S2، العاملة في قطاع العقلة ب