آخر تحديث :الخميس - 23 يناير 2025 - 06:00 م

قضايا


رهانات الجنوب على الغرب.. هل تقرأ تصريحات الزُبيدي مستقبل السياسة اليمنية؟

الخميس - 23 يناير 2025 - 10:15 ص بتوقيت عدن

رهانات الجنوب على الغرب.. هل تقرأ تصريحات الزُبيدي مستقبل السياسة اليمنية؟

العين الثالثة/ متابعة خاصة


في ظل ما يشهده اليمن من تعقيدات سياسية وعسكرية، جاءت تصريحات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزُبيدي، التي دعا فيها الغرب إلى استهداف قيادة الحوثيين المدعومة من طهران، لتفتح الباب أمام نقاش واسع حول مغزى هذه الرسائل وأبعادها السياسية.

التصريحات التي تزامنت مع بداية عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، تحمل في توقيتها وسياقها رسائل محلية وإقليمية ودولية، لكنها في الوقت ذاته تطرح تساؤلات حول جدواها ومدى استعداد المجلس الانتقالي لمواكبة التحولات الدولية في التعامل مع الملف اليمني.

التوقيت السياسي: بين الانتهازية وسوء التقدير
اختيار عيدروس الزبيدي لتوقيت تصريحاته لم يكن عشوائيًا، بل يعكس إدراكًا سياسيًا لمرحلة انتقال السلطة في الولايات المتحدة، ترامب، المعروف بتوجهاته المتشددة تجاه إيران خلال حملته الانتخابية، بدا وكأنه هدف مثالي لاستقطاب دعم دولي ضد الحوثيين، الذين يمثلون ذراعًا إيرانية في اليمن.

ومع ذلك، فإن توقيت التصريح يحمل مخاطر استراتيجية، إذ أن إدارة ترامب في تلك اللحظة كانت منشغلة بإعادة ترتيب أولوياتها الداخلية والخارجية، هذا الانشغال جعل الملف اليمني، رغم أهميته الجيوسياسية، في مرتبة متأخرة على جدول الأعمال الأمريكي مقارنة بقضايا مثل العلاقات مع الحلفاء في الخليج، والصراع في سوريا، وأزمات داخلية مرتبطة بالاقتصاد والسياسات الاجتماعية.

قراءة تحليلية للتوقيت والأبعاد السياسية
وفي سياق تحليله لهذه التصريحات، قال الكاتب، ماهر باوزير، إن اختيار رئيس المجلس الانتقالي لهذا التوقيت يثير تساؤلات عميقة حول أهدافه، وأوضح باوزير أن "التوقيت الذي جاءت فيه تصريحات الزُبيدي يكشف عن رغبة في استثمار التحولات الدولية، لا سيما مع بداية عهد إدارة ترامب، التي عُرفت بمواقفها المتشددة تجاه إيران، ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تحمل مخاطر واضحة نتيجة لعدم استقرار توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة في تلك المرحلة".

وأضاف باوزير: "التصريحات حملت رسائل مزدوجة للمجتمع الدولي والجنوبيين، لكنها تفتقر إلى قراءة دقيقة للتحولات السياسية الكبرى، فبدلاً من مخاطبة الإدارة الأمريكية بخطاب تصعيدي، كان من الأفضل تقديم رؤية متكاملة تركز على التعاون والشراكة مع المجتمع الدولي، هذا من شأنه أن يعزز مصداقية المجلس الانتقالي كفاعل مسؤول يسعى إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي".

وأشار إلى أن "السياسة الدولية تُبنى على التوازنات والحسابات الدقيقة، وليس على الاستعجال أو الخطاب الموجه لتحقيق مكاسب آنية، مثل هذه التصريحات قد تُضعف موقف المجلس الانتقالي أمام الأطراف الدولية التي تنظر بحذر إلى أي تصعيد غير مدروس".

الأبعاد السياسية لتصريحات الزُبيدي
تصريحات الزبيدي يمكن تقسيمها إلى مستويين من الرسائل:
1. رسالة خارجية موجهة للمجتمع الدولي
يسعى الزبيدي إلى تقديم المجلس الانتقالي الجنوبي كحليف محتمل للقوى الغربية، خصوصًا في مواجهة الحوثيين وإيران.

المجلس الانتقالي، الذي يعاني من محدودية الاعتراف الدولي، يحاول هنا تعزيز شرعيته كلاعب أساسي في الملف اليمني، ويحمل التصريح دعوة ضمنية للغرب، خاصة الولايات المتحدة، للنظر إلى الجنوب باعتباره شريكًا جاهزًا للمساهمة في مواجهة التهديد الإيراني المتنامي في المنطقة.

2. رسالة داخلية موجهة للجنوب اليمني
على الصعيد الداخلي، يسعى الزُبيدي لتعزيز موقع المجلس الانتقالي كقائد للحراك الجنوبي والمدافع الأول عن مصالح الجنوب، ويهدف التصريح إلى تعزيز ثقة الجنوبيين بقيادة المجلس الانتقالي وإظهار قدرة الزُبيدي على مخاطبة العالم بلغة تتجاوز الحدود المحلية، خاصة في ظل التحديات السياسية والعسكرية التي يواجهها المجلس في الجنوب، سواء من قوى محلية منافسة أو من الضغوط الخارجية.

ضعف القراءة الاستراتيجية للمشهد الدولي
تصريحات الزُبيدي عكست، بشكل واضح، ضعفًا في قراءة المشهد الدولي والتحولات السياسية المحيطة، في السياسة الدولية، التوقيت واللغة الدبلوماسية يلعبان دورًا محوريًا في تحقيق النتائج المرجوة، أي تصريح موجه لقوى دولية يحتاج إلى دراسة دقيقة للسياق والتوقيت، وإلا فإنه قد يفقد تأثيره أو يؤدي إلى نتائج عكسية.

بدلاً من تقديم خطاب يتسم بالتصعيد، كان من الأفضل للمجلس الانتقالي أن يركز على بناء شراكات دبلوماسية تدريجية مع القوى الدولية، خطاب يقوم على التعاون والمساهمة في تحقيق الاستقرار في اليمن قد يكون أكثر فعالية من الرسائل الحادة التي تحمل طابع الاستعجال.

دروس للمستقبل: الدبلوماسية أولاً
اختتم باوزير حديثه بالتأكيد على أهمية تطوير أدوات المجلس الانتقالي في التعامل مع القوى الدولية، مشيرًا إلى أن "الدبلوماسية المدروسة وبناء التحالفات التدريجية هما السبيل الوحيد لضمان دور فاعل ومستدام في المشهد السياسي الإقليمي".

وأضاف: "تصريحات الزُبيدي تحمل أهمية استراتيجية، لكنها كشفت عن الحاجة إلى خطاب سياسي أكثر نضجًا، قادر على قراءة الأولويات الدولية وفتح مسارات التعاون مع القوى الفاعلة، التوقيت والخطاب المدروس هما المفتاح لتحقيق هذه الغاية، دون المخاطرة بفقدان المصداقية أو تقويض فرص التعاون الدولي".

فرصة بحاجة إلى إعادة تقييم
تصريحات عيدروس الزُبيدي جاءت في لحظة سياسية معقدة، حاملة معها رسائل متعددة الأبعاد، لكنها في الوقت ذاته كشفت عن نقاط ضعف استراتيجية تحتاج إلى معالجة، وإذا أراد المجلس الانتقالي الجنوبي، أن يلعب دورًا محوريًا في المستقبل، يجب أن يعيد النظر في أدواته الدبلوماسية وخطابه السياسي.

الرهان على الدعم الدولي يتطلب أكثر من مجرد تصريحات إعلامية، بل يحتاج إلى استراتيجية شاملة تُظهر قدرة المجلس على العمل كشريك دولي مسؤول ومستعد للمساهمة في تحقيق السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة، التوقيت والخطاب المدروس هما المفتاح لتحقيق هذه الغاية.


شاهد أيضًا

المجلس الانتقالي الجنوبي يؤكد دعم القرار الأمريكي ويحث على ا ...

الخميس/23/يناير/2025 - 04:08 م

رحب المجلس الانتقالي الجنوبي بقرار الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بتصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية أجنبية"، معتبرًا هذه الخطوة حاسم


رهانات الجنوب على الغرب.. هل تقرأ تصريحات الزُبيدي مستقبل ال ...

الخميس/23/يناير/2025 - 10:15 ص

في ظل ما يشهده اليمن من تعقيدات سياسية وعسكرية، جاءت تصريحات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزُبيدي، التي دعا فيها الغرب إلى استهداف قيادة الح


هل يضع العليمي يده على ثروات شبوة؟ فضيحة جديدة تهدد الاستقرا ...

الأربعاء/22/يناير/2025 - 08:01 م

في تطور لافت يكشف عن عمق الفساد المستشري داخل السلطة الحاكمة، كشفت مصادر خاصة لصحيفة "الأمناء" عن قرار شركة OMV S2، العاملة في قطاع العقلة ب


الزُبيدي يكشف عن خطة المجلس الانتقالي لاستعادة دولة الجنوب ب ...

الأربعاء/22/يناير/2025 - 03:48 م

جدد اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أن مشروع المجلس الانتقالي واضحا منذ تأسيسه، وهو استعادة