في مقال للدكتور غزوان طربوش بعنوان "خالد الوصابي.. وجه الإصلاح البشع"، كشف عن ملف فساد واسع وممنهج داخل وزارة التعليم العالي، بطلُه الوزير السابق خالد الوصابي، الذي استغل منصبه لنهب المال العام، وبيع المنح الدراسية، وإقصاء الكفاءات، وتمكين عناصر حزب الإصلاح داخل الوزارة.
يُظهر المقال كيف تحوّلت الوزارة إلى إقطاعية خاصة، تُدار وفق المصالح الضيقة للحزب، وسط تواطؤ حكومي وصمت رسمي، مما يعكس أزمة عميقة في الشرعية، التي باتت عاجزة عن مواجهة الفساد المستشري في مؤسساتها.
فساد على مدى عقد من الزمن
منذ أن كان نائبًا لوزير التعليم العالي، بدأ الوصابي نهب مخصصات الدولة بطريقة منظمة، حيث استخدم التعاميم المخالفة للقانون لإدخال طلاب محسوبين على حزب الإصلاح في كشوفات الابتعاث، مستغلًا المنح الدراسية كأداة نفوذ سياسي ومالي.
ومع تعيينه وزيرًا عام 2020م، ازداد حجم الفساد، حيث كشف الدكتور غزوان طربوش في مقاله أن قيادات حزب الإصلاح العليا، مثل محمد اليدومي وعبدالوهاب الآنسي، باركت هذه التجاوزات، وسمحت بتحويل المنح الدراسية إلى امتيازات خاصة لأبناء وأحفاد الحزب، بدلًا من منحها للطلاب المستحقين.
كشوفات مسربة.. فساد يزكم الأنوف
في عام 2022م، أحدثت الكشوفات المسربة من وزارة التعليم العالي صدمة كبيرة في الأوساط الشعبية، حيث أظهرت أن 1000 منحة دراسية قد مُنحت لأبناء وأقارب قيادات الإصلاح خارج معايير المفاضلة والقانون.
ووفقًا لما ورد في مقال د. غزوان طربوش، فإن بعض أبناء المسؤولين الذين حصلوا على هذه المنح لم يكونوا بحاجة إليها لأغراض التعليم، بل استُخدمت كوسيلة لتمويل مشاريع تجارية في الخارج، تعمل كواجهات لغسيل أموال الحزب.
شراء الذمم.. تحصين الفساد داخل الحكومة
بحسب المقال، لم يكتفِ الوصابي بتمكين حزبه من الوزارة، بل عمد إلى شراء ولاء مسؤولين حكوميين عبر منح أبنائهم فرصًا دراسية مجانية، وذلك لضمان سكوتهم عن فساده.
هذه الاستراتيجية جعلت من الفساد ظاهرة ممنهجة، حيث أصبحت المؤسسات الحكومية خاضعة لمبدأ "الكل متورط، والكل مستفيد"، في ظل غياب أي مساءلة حقيقية.
استهداف الكفاءات وإحلال الولاءات
إلى جانب التجاوزات المالية، كشف المقال عن عمليات إقصاء ممنهجة طالت الكفاءات داخل وزارة التعليم العالي، حيث قام الوصابي بتعيين 23 ملحقًا ثقافيًا جميعهم ينتمون لحزب الإصلاح، كما منح أقاربه وأصهاره منحًا دراسية في دول مثل ماليزيا والمغرب والمجر ومصر، دون أي معايير سوى القرابة والانتماء الحزبي.
الشرعية في مأزق.. صمت مريب يثير التساؤلات
كل هذه الفضائح، التي كشفها مقال د. غزوان طربوش، تُسلّط الضوء على التواطؤ الحكومي في حماية الفساد، حيث لم يُحرّك رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك أو رئيس مجلس القيادة الرئاسي ساكنًا لمحاسبة المتورطين، مما يطرح تساؤلات خطيرة حول مدى تغلغل الفساد داخل المنظومة الحاكمة.
متى يتحرك الشارع؟
في ظل هذا الواقع المظلم، يظل السؤال الأهم: إلى متى سيبقى الشعب صامتًا أمام هذه التجاوزات؟ فقد أظهر المقال أن السكوت عن الفساد لم يُنتج إلا مزيدًا من الفوضى والمحسوبية، مما يتطلب تحركًا جادًا من القوى الوطنية والنخب المجتمعية لوقف هذا النزيف، وإعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة التي تحولت إلى أدوات لخدمة فئة محدودة، على حساب مستقبل البلاد بأكملها.
ختامًا، فإن ما كشفه الدكتور غزوان طربوش في مقاله ليس مجرد اتهامات عابرة، بل حقائق موثقة تعكس كيف تحوّل الفساد في وزارة التعليم العالي إلى ظاهرة مهيكلة، تهدد ليس فقط مستقبل الطلاب اليمنيين، بل مستقبل الدولة بأكملها، في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية لمواجهته.