آخر تحديث :السبت - 22 فبراير 2025 - 06:50 م

جدتي... الغياب الذي لا يُعوّض، والفراغ الذي لا يُملأ!

السبت - 22 فبراير 2025 - الساعة 08:53 ص

حسين القملي
الكاتب: حسين القملي - ارشيف الكاتب



سبع سنوات مضت منذ أن رحلتِ، لكن الحزن الذي خلّفه غيابكِ لم يهدأ يومًا، بل صار جزءًا من روحي، كظلٍّ لا يفارقني، وكجرح لا يلتئم مهما مرّ الزمن، كنتِ لي أكثر من جدة، كنتِ أمي الثانية، وملاذي في الأوقات الصعبة، واليد التي تمسح عني وجع الأيام، والروح التي كانت تجعل العالم أكثر دفئًا وأمانًا.

أتساءل كثيرًا، كيف تستمر الحياة رغم كل هذا الغياب؟ كيف يستيقظ الصباح دون صوتكِ الذي كان يملأ البيت دفئًا؟ كيف يمضي العمر دون نظرة عينيكِ التي كانت تخبرني دون كلمات أنكِ معي، وأن كل شيء سيكون بخير؟ منذ أن غبتِ، وأنا أشعر أن شيئًا ما قد انكسر داخلي، شيء لم يعد الزمن قادرًا على إصلاحه، فراغ لا يملؤه شيء، ولا يخفف ثقله سوى الذكرى.

جدتي، لم يكن فقدانكِ مجرد لحظة حزن، بل كان نقطة تحول في حياتي، لحظة فاصلة بين زمن كنتُ أشعر فيه بالأمان مهما قست الدنيا، وزمن آخر فقدتُ فيه جزءًا من روحي، وكأنني أصبحتُ شخصًا آخر، شخصًا يحمل داخله حنينًا لا نهاية له، كنتِ الحضن الذي ألجأ إليه كلما شعرتُ بالضياع، كنتِ اليد التي تنتشلني من ضعفي، والصوت الذي يمنحني الطمأنينة عندما يعلو ضجيج الحياة.

لا زلتُ أذكر تفاصيل وجهكِ، رائحة يديكِ، دفء حضنكِ، وطريقة نطقكِ لاسمي التي كانت تحمل من الحب ما لا يستطيع العالم كله أن يمنحني إياه.. أشتاق إليكِ في كل لحظة، في كل موقف كنتِ ستكونين فيه أول من أخبره، وأول من يحتضن فرحتي أو يواسيني في حزني، كنتِ أول من يفرح بنجاحي، وأول من يحمل عني همومي، واليوم، وأنا أقف أمام هذه الحياة بدونكِ، أشعر وكأنني فقدتُ بوصلتي، وكأن روحي تائهة في عالم لم يعد يشبهني.

جدتي، أتذكركِ في أبسط الأشياء، في دعائكِ الذي كنتِ ترددينه كل صباح، في صوت ضحكاتكِ التي كانت تملأ البيت نورًا، في يديكِ اللتين كنتِ تربتين بهما على كتفي وكأنكِ تطمئنين قلبي أنني لست وحدي، لكنني الآن وحدي، أشعر أن العالم صار أبرد، وأكثر وحدة، وأكثر قسوة.

أعلم أنكِ في مكان أفضل، حيث لا ألم ولا تعب، لكن ذلك لا يخفف من وجعي، ولا يجعلني أشتاق إليكِ أقل، بل ربما يزيد شوقي إليكِ، فأنا أعيش على أمل أن يجمعني الله بكِ يومًا ما، حيث لا فراق بعده، ولا دموع، ولا حزن.

جدتي، كنتِ دائمًا تقولين لي: "لا تخف، أنا معك"، واليوم، وأنا أواجه الحياة بدونكِ، أشعر أنني خائف أكثر من أي وقت مضى، وحيدًا رغم كل من حولي، لأن وجودكِ كان يجعل كل شيء أكثر احتمالًا، وأكثر دفئًا.

رحلتِ، لكنكِ لم ترحلي عن قلبي، لم ترحلي عن دعواتي، لم ترحلي عن كل نجاح أخطوه، لأنني أعلم أنكِ هناك، تبتسمين لي من بعيد، فخورة بي كما كنتِ دائمًا، تباركين طريقي بصمت، كما كنتِ تفعلين حين كنتِ هنا.

جدتي، أسأل الله أن يجعل قبركِ روضة من رياض الجنة، وأن يسكنكِ الفردوس الأعلى، وأن يجمعني بكِ يوم القيامة تحت ظل رحمته.. حتى ذلك اليوم، ستبقين دائمًا في قلبي، حيّة في روحي، نابضة في ذاكرتي، لأن الحب الذي زرعتِه فيني لا يمكن أن يموت، ولأنكِ ببساطة... كنتِ كل شيء.




شاهد أيضًا

منح الألقاب العلمية في جامعة عدن.. تكريم أم تدمير للسمعة الأ ...

السبت/22/فبراير/2025 - 01:05 م

في وقت تشهد فيه جامعة عدن تحديات كبيرة، يطرح الأكاديمي الدكتور حسين لقور بن عيدان تساؤلاً هاماً حول المسؤول عن العبث الذي يؤثر سلباً على سمعة هذه الجا


قضية الماجستير بجامعة عدن.. السقاف يكشف تفاصيل نتائج التحقيق ...

السبت/22/فبراير/2025 - 12:38 م

علق الوكيل عبد الرؤوف السقاف، في تصريح خاص على صفحته بالفيسبوك، حول الجدل المستمر بشأن رسالته العلمية الممنوحة من جامعة عدن، مشيرًا إلى أنه لا يزال في


رمضان في عدن.. ارتفاع الأسعار يرهق المواطنين والمعاناة تتضاع ...

السبت/22/فبراير/2025 - 09:45 ص

مع دخول شهر رمضان المبارك، يواجه سكان عدن والمحافظات المجاورة تحديات معيشية صعبة، حيث تصاعدت أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية إلى مستويات غير مسب


اكتشاف صادم.. وزير الإعلام اليمني يؤكد أن الماء مبلل والحوثي ...

السبت/22/فبراير/2025 - 09:15 ص

في تصريح أثار جدلًا واسعًا، خرج وزير الإعلام والثقافة والسياحة (وربما قريبًا وزير الفضاء والفلك) معمر الإرياني، ليكشف عن "أمر خطير جدًا"، حيث أكد أن س