آخر تحديث :السبت - 15 فبراير 2025 - 03:35 م

قضايا


عدن في قبضة الأزمات.. غلاء الأسعار وتدهور الخدمات يضغطان على المواطن مع اقتراب رمضان!

الجمعة - 14 فبراير 2025 - 04:00 م بتوقيت عدن

عدن في قبضة الأزمات.. غلاء الأسعار وتدهور الخدمات يضغطان على المواطن مع اقتراب رمضان!

العين الثالثة/ تقرير خاص


مع اقتراب شهر رمضان المبارك، الذي كان يرمز دائمًا في مدينة عدن إلى أجواء مفعمة بالأمل، والمحبة، والتقاليد التي تجمع بين أفراد الأسرة والمجتمع، يبدو أن هذا العام سيحمل معه تحديات غير مسبوقة تهدد طقوس هذا الشهر الفضيل، فبين تدهور الأوضاع الاقتصادية وانهيار العملة المحلية، وبين معاناة المواطنين بسبب الغلاء الفاحش في الأسعار، يتسائل الكثيرون: هل سيظل رمضان هذا العام كما اعتادوا عليه؟ أم سيشكل هذا العام بداية لفصل جديد من المعاناة التي لا طاقة لهم بها؟

أزمة اقتصادية خانقة: ضغوط مالية غير مسبوقة
لطالما كانت أجواء رمضان في عدن تمثل فرصة للتلاحم الاجتماعي بين الأسر، واستقبال الشهر الفضيل بكثير من الأمل والتفاؤل، ولكن، وبالنظر إلى التحديات الاقتصادية التي تواجهها المدينة هذا العام، يبدو أن الأفق يزداد قتامة.

أسواق عدن، التي كانت تعج بالحركة التجارية قبيل الشهر الكريم، تعاني الآن من ركود غير مسبوق، الأسواق التي كانت تكتظ بالمواطنين الباحثين عن مستلزمات رمضان، باتت شبه فارغة، والمحلات التجارية تكتظ ببضائع تكاد لا تجد من يشتريها.

الغلاء في الأسعار أصبح حالة مأساوية، حيث تخطت بعض السلع الأساسية، مثل الأرز والدقيق والزيت، الارتفاعات التي لا يمكن للمواطن العادي تحملها.

يقول عمر عبدالرحمن، صاحب محل لبيع المواد الغذائية في منطقة الشيخ عثمان: "في مثل هذا الوقت من كل عام، كانت المحلات تستقبل الزبائن بكثافة، وكان السوق يشهد إقبالاً كبيرًا مع اقتراب رمضان، لكن هذا العام، الأسعار تحلق في السماء، بعض المواد ارتفعت أسعارها بنسبة تصل إلى 50%، والمواطنون يترددون في شراء حتى الضروريات."

أزمة الرواتب: تأخير مستمر يفاقم من المعاناة
إن أزمة تأخر صرف الرواتب الحكومية تعد واحدة من أبرز القضايا التي تزيد من حدة المعاناة في عدن، فالموظفون الحكوميون في مختلف القطاعات لم يتسلموا رواتبهم لأشهر عديدة، في وقتٍ يعاني فيه الجميع من تدهور الوضع المعيشي، قد يكون هذا التأخير مبررًا في بعض الأحيان نتيجة للأزمة الاقتصادية، لكنه يظل فاقمًا للمشاكل المعيشية اليومية التي يعاني منها المواطن.

تقول أم محمد، معلمة في إحدى المدارس الحكومية: "منذ شهرين لم نتلقَّ رواتبنا، ورغم أننا ننتظر أي إشعار بصرف الرواتب، إلا أن الوضع أصبح أكثر تعقيدًا، لا نعلم متى ستصرف الرواتب، وهذا يعطل حياتنا، حتى خلال رمضان، لا يمكنني تأمين احتياجات أطفالي اليومية."

وعلى الرغم من الوعود المتكررة من الجهات الحكومية بصرف الرواتب في أقرب وقت ممكن، إلا أن حالة القلق والتوتر التي يعيشها المواطنون تزيد من معاناتهم اليومية.

العملة المحلية: انهيار متسارع يزيد من وطأة الحياة
في الوقت الذي كان فيه المواطن في عدن يعوّل على استقرار الوضع الاقتصادي، كان انهيار العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي يأتي كضربة إضافية على مستوى المعيشة، حيث وصل سعر صرف الدولار إلى مستويات قياسية، مما جعل الأسعار تتضاعف بشكل يومي، هذا الانهيار المتسارع للعملة يهدد قدرة الأسر على تأمين الاحتياجات الأساسية، ويؤثر بشكل مباشر على قوتهم اليومي.

يقول محمد أحمد، موظف حكومي وأب لثلاثة أطفال، بحزن: "الراتب الذي نحصل عليه بالكاد يكفينا لأيام قليلة، مع الزيادة المستمرة في أسعار المواد الأساسية، أصبحنا مجبرين على تقليص نفقاتنا بشكل كبير، رمضان هذا العام لن يكون كما كان في السابق، لم نعد قادرين على تحمّل تكاليف الطعام والمستلزمات الأساسية."

خدمات أساسية مفقودة: الكهرباء والمياه تزداد سوءًا
بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية، يعاني سكان عدن من تدهور الخدمات الأساسية التي كانت تشكل أحد الأركان المهمة لحياة المواطنين في المدينة، على رأس هذه الخدمات، تأتي أزمة الكهرباء والمياه التي أضحت تؤرق المواطنين بشكل يومي.

تعتبر انقطاعات الكهرباء إحدى المشكلات الكبرى التي يعاني منها سكان عدن، خاصة في فصل الصيف الذي يتسم بارتفاع درجات الحرارة، على الرغم من المحاولات المتواصلة من قبل الحكومة المحلية لتحسين وضع الكهرباء، فإن الواقع لا يزال يختلف تمامًا، فقد بات المواطنون يشهدون انقطاعات طويلة تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 12 ساعة في اليوم، دون أي تحسن يذكر في مستوى الخدمة.

يقول محمد خالد، أحد سكان مديرية خور مكسر: "نعيش في ظلام دامس طوال اليوم، وإذا انقطعت الكهرباء، لا نجد أي سبيل للتخفيف من الحرارة المرتفعة الأمور تزداد صعوبة، خاصة في ظل التوقعات بأن فترة الانقطاع ستزداد خلال رمضان."

أما مشكلة المياه، فلا تختلف كثيرًا عن مشكلة الكهرباء، فنقص المياه وتذبذب وصولها إلى المنازل جعل المواطنين يضطرون إلى شراء صهاريج مياه بأسعار مرتفعة.

وتضيف أم يوسف، ربة منزل: "حتى المياه أصبحنا نشتريها بأسعار باهظة، ولا نعلم متى سنحصل على المياه من شبكة الدولة، هذا فوق تكاليف الطعام والكهرباء، الأمر أصبح لا يطاق."

مطالب المواطنين: ضرورة تحرك حكومي عاجل
وسط هذه الأزمات المستمرة، لا يزال المواطنون في عدن يرفعون أصواتهم مطالبين الحكومة والسلطات المحلية باتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة للتخفيف من معاناتهم.

بين المطالب الأساسية التي يرفعها المواطنون، تحسين مستوى الخدمات العامة مثل الكهرباء والمياه، صرف الرواتب في مواعيدها، والتدخل لضبط أسعار المواد الأساسية، لتخفيف العبء عن الأسر التي باتت غير قادرة على تأمين احتياجاتها.

وبينما يبقى الأمل في أن تتخذ السلطات المحلية خطوات ملموسة لمعالجة هذه الأزمات، لا يزال الواقع يشير إلى أن الحلول تحتاج إلى وقت طويل، في وقت يمر فيه المواطنون بمراحل متفاقمة من الفقر.

آمال في رمضان: أمل ضعيف في انفراجة قريبة
رغم الظرف الصعب الذي يعيشه المواطن في عدن، فإن شهر رمضان يبقى فرصة للخير والعطاء، ومع تزايد المبادرات الخيرية في المدينة، يظل الأمل معقودًا على هذه الأعمال الطيبة التي قد تخفف من حدة الأزمة الاقتصادية، فقد ظهرت العديد من الجمعيات الخيرية التي تقدم مساعدات للمواطنين، خاصة في الأحياء التي تعاني من أسوأ الأوضاع.

ومع كل هذه التحديات، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن السلطات من تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين خلال هذا الشهر؟ أم أن رمضان 2025 سيكون شاهدًا على واحدة من أسوأ الأزمات التي تمر بها المدينة؟

مشهد مأساوي في انتظار الحلول
لم يكن أحد يتوقع أن تصبح أجواء رمضان في عدن، تلك المدينة التي طالما كانت رمزًا للأمل والتعايش، مرادفًا للقلق والتحديات، في هذا الشهر الكريم، حيث يتطلع الناس إلى التفكر والراحة الروحية، يجد المواطنون أنفسهم غارقين في هموم الحياة اليومية التي لا تنتهي، وفي انتظار حلول عملية وجادة من الحكومة، يبقى الأمل ضعيفًا ولكن لا يزال مستمرًا بأن يفرج الله قريبًا عن هذه الأوضاع الصعبة.

شاهد أيضًا

ارتفاع جنوني في أسعار الصرف.. هل تفقد الحكومة السيطرة؟ ...

السبت/15/فبراير/2025 - 10:00 ص

تشهد الأسواق المالية في اليمن اضطرابًا غير مسبوق مع استمرار التراجع الحاد لقيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، ما ينذر بموجة جديدة من التضخم وار


الاختيار المشبوه: العاقل يكشف عن دور العليمي في حماية الثروا ...

الجمعة/14/فبراير/2025 - 04:20 م

في منشور على صفحته بالفيسبوك، طرح الدكتور حسين العاقل تساؤلات حول دوافع اختيار رشاد محمد العليمي رئيسًا لهيئة رئاسة المجلس الرئاسي. وأوضح العاقل أن اخ


عدن في قبضة الأزمات.. غلاء الأسعار وتدهور الخدمات يضغطان على ...

الجمعة/14/فبراير/2025 - 04:00 م

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، الذي كان يرمز دائمًا في مدينة عدن إلى أجواء مفعمة بالأمل، والمحبة، والتقاليد التي تجمع بين أفراد الأسرة والمجتمع، يبدو أن


الاستيلاء على حوش مؤسسة النقل البري في الشيخ عثمان بعقد استث ...

الجمعة/14/فبراير/2025 - 11:15 ص

كشفت مصادر مطلعة عن قيام أحد المتنفذين بالاستيلاء على حوش مؤسسة النقل البري في منطقة عبدالقوي بالشيخ عثمان. وأوضحت المصادر أن الحوش، الذي يمتد على واج