في أقل من 36 ساعة، وجدت العاصمة المؤقتة عدن نفسها غارقة في ظلام دامس وعطش شديد، وسط انهيار اقتصادي متسارع وأزمات معيشية خانقة، الكهرباء مقطوعة، المياه شحيحة، أسعار الوقود ترتفع، والريال يواصل انهياره أمام العملات الأجنبية، تاركًا المواطنين في مواجهة مصير مجهول.
مدينة بلا كهرباء.. بلا ماء.. بلا حياة
لأول مرة منذ قرن، تغرق عدن في ظلام دامس بعد نفاد الوقود في محطة الرئيس، المزوّد الرئيسي للكهرباء. ولم يكن الأمر مجرد عطل فني، بل إعلانًا صريحًا عن أزمة إنسانية تتفاقم بسرعة. ومع توقف الكهرباء، توقفت المستشفيات عن العمل، وتعطلت مضخات المياه، ووجد السكان أنفسهم في معركة يائسة لتأمين أساسيات الحياة.
"لم نعد نملك شيئًا، لا كهرباء، لا ماء، لا عمل، حتى لقمة العيش باتت مستحيلة"، يقول أحد السكان وهو يبحث عن مصدر بديل للمياه بعد أن جفت صنابير منزله تمامًا.
القطاع الصحي في خطر والمستشفيات تعيش على حافة الانهيار
مع توقف الكهرباء، تعرضت المستشفيات لكارثة إنسانية، حيث باتت حياة المرضى على المحك. أقسام العناية المركزة وحضانات الأطفال توقفت عن العمل، وأصبح الأطباء عاجزين عن تقديم الرعاية الصحية المطلوبة. "الأجهزة متوقفة، المرضى يموتون ببطء، ونحن لا نستطيع فعل شيء"، يقول طبيب في أحد المستشفيات الحكومية.
انهيار الريال.. وارتفاع جنوني في الأسعار
وكأن الأزمات لا تكفي، شهد الريال اليمني انهيارًا قياسيًا، حيث وصل سعر الدولار إلى 2253 ريالًا يمنيًا، بينما بلغ سعر الريال السعودي 589 ريالًا يمنيًا، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية. المواطنون، الذين يعيشون أصلاً في ظروف قاسية، باتوا عاجزين عن توفير قوت يومهم.
"راتبي الذي كنت أنتظره لشهور لم يعد يساوي شيئًا، لا يكفي حتى لشراء كيس دقيق"، يقول سالم، موظف حكومي يعاني من تداعيات الأزمة.
الناس يموتون جوعًا.. وصمت حكومي قاتل
في الأسواق، المحلات شبه مغلقة، وحركة البيع متوقفة. أصحاب المتاجر يشتكون من قلة الزبائن، والناس لا تملك حتى ثمن الطعام. "أطفالي يبكون جوعًا، لم يعد بإمكاني شراء حتى ربع كيلو صيد"، تقول أم يائسة، عاجزة عن تهدئة أطفالها الجوعى.
في مشهد مؤلم، تحولت شوارع عدن إلى مأوى لعشرات المتسولين، بعضهم كانوا موظفين وأصحاب أعمال، أجبرتهم الأوضاع الاقتصادية على مد أيديهم طلبًا للقليل من الطعام.
مستقبل مجهول.. وكارثة تلوح في الأفق
ومع اقتراب الصيف، تزداد المخاوف من كارثة أكبر، حيث قد يؤدي ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء إلى مأساة إنسانية غير مسبوقة.
يقول أحد السكان بحسرة: "لم يبقَ لنا سوى الهواء لنعيش عليه، ولكن من يدري، ربما يجدون طريقة ليحرمونا منه أيضًا!".
في عدن، لم تعد الأزمات مجرد أخبار تُتداول، بل تحولت إلى واقع يومي يعيشه الناس، وسط صمت قاتل من الجهات المسؤولة، وكأن المدينة قد أُدرجت على قوائم النسيان.