شهدت الضربات الأمريكية، على معاقل الحوثيين في اليمن، في الآونة الأخيرة، تحولاً استراتيجياً مهماً، خصوصاً في تأثيرها ومدى فاعليتها.
سلسلة الغارات الأخيرة، التي نفذتها المقاتلات الحربية الأمريكية، على مواقع تابعة لميليشيا الحوثيين في مناطق نفوذها باليمن، استهدفت منشآت لتخزين الصواريخ ومرافق قيادة وتحكم في صنعاء .
واتفق سياسيون وعسكريون يمنيون، على أن الضربات الأمريكية طيلة العام لم يكن وقعها كالضربات في آخر أسبوع، والتي بدأت منذ مساء الإثنين الماضي، من خلال استهداف مقرات مراكز القيادة والسيطرة في وزارة الدفاع، وانتهت مساء السبت المنصرم، باستهداف "فيلا" تتردد عليها قيادات حوثية بارزة، وتستخدم كغرفة عمليات ومقر تحكم لوجيستي.
المحلل العسكري والخبير الاستراتيجي العميد محمد الكميم قال، إن: "هناك تطوراً لافتاً وملحوظاً يمكن إدراكه في نوعية الضربات الأمريكية الأخيرة، هناك ضربات نستطيع أن نقول عنها أنها باتت أكثر دقة ومركزة بشكل أكبر، وباتت أكثر إيلاماً على الميليشيات الحوثية".
وأضاف الكميم لـ"إرم نيوز": "الكثير من الضربات في الفترة الأخيرة، التي استهدفت معاقل الحوثيين في الحديدة، تتوفر لدينا معلومات مؤكدة بأنها أصابت أهدافها بدقة، ومن تلك المواقع المستهدفة في الحديدة، مراكز تجمع للميليشيات، ومراكز تجمع للقيادات، ومنصات إطلاق الصواريخ، بشكل عام هناك كثير من الضربات التي كانت موفقة".
وأوضح: "انه في الضربة الأخيرة على صنعاء، تم استهداف معسكر عطان، وهو معسكر معروف كان خاصاً بألوية الصواريخ للجيش اليمني السابق، ويحتوي على كثير من مخازن الأسلحة الاستراتيجية والصواريخ البالستية"، منوهاً بأنه: "وبالرغم من تعرضه لضربات كثيرة في السابق، ولكن في هذه الضربة الأخيرة مساء السبت، كانت هناك معلومات عن حفر أنفاق جديدة، وفتح أبواب تؤدي إلى مناطق أخرى، فاستطاعت أمريكا أن تضرب هذه المخازن، بصواريخ ذات قدرة تفجيرية هائلة".
وتابع: "كما جرى استهداف مقرات مراكز القيادة والسيطرة، في الهجوم الذي استهدف الاثنين الماضي وزارة الدفاع في مجمع العرضي، بالإضافة إلى استهداف بيت المداني في الضربة الأخيرة".
ولفت الخبير العسكري، إلى أن: "هذا التطور اللافت يعكس جدية حقيقة الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن حاولت أن تُرسل رسائل ناعمة لهذه الميليشيات، نعلم جيداً أنه طوال العام، كانت هناك ضربات غير مركزة وضربات لا أهمية لها من الناحية العسكرية، لكن في الفترة الأخيرة كان هناك، الكثير من الجدية".
وتساءل العميد الكميم: "هل تغيرت الاستراتيجية بالنسبة للضربات الأمريكية، وبدأت تظهر جدية أعلى؟ أم أنه طيلة الفترة الماضية كان هناك قصور في المعلومات، واليوم أصبح لديها معلومات أكثر؟"، مجيباً عن تساؤله، بقوله: "ما أرجحه أن الولايات المتحدة، أصبحت اليوم تمتلك معلومات أكبر وتفاصيل أكثر، عن تلك الميليشيات".
وعن وقع وتأثير فاعلية تلك الضربات على الحوثيين، يتوقع الكميم، بأنها: "سيكون لها مردود كبير على معنويات الحوثيين بشكل كامل، خصوصاً إذا ما جرى استهداف قيادات كبرى، كونه لا يمكن إضعاف البُنية القيادية، وكذا والبُنية العسكرية لأي ميليشيا إلا إذا استهدفت قياداتها".
وبيّن الكميم، بأنه: "عند استهداف مواقع عسكرية حسّاسة، تُفقد الحوثيين قدراتهم الحربية، بالإضافة إلى اصطياد القيادات الميدانية، سيكون لذلك بالغ الأثر، وارتداداته قوية على الميدان"، لافتاً إلى أن: "من أهم تلك الآثار ستنكفئ الميليشيا الحوثية على نفسها بشكل أكبر، وستكون تحركات قياداتها أكثر حذراً، ومن ثم كل تلك الأمور ستؤثر بشكل كبير على معنويات قواته وعناصره، وهذا هو المهم للقضاء نهائياً عليهم".
من جانبه، استهلّ الناشط السياسي والمحلل العسكري العقيد أحمد عبدربه أبو صريمة، حديثه، بقوله: "لا يختلف اثنان على أن الضربات الأمريكية دائماً ما تكون بعيدة عن استهداف أي قيادات حوثية، حتى ضرباتها على مواقع عسكرية ومعسكرات الحوثيين، تكون مكررة، قد استهدفتها من قبل في الأساس، مثل معسكري عطان والحفا في صنعاء، ومعسكر كهلان في صعدة، ولا يكون لها أي تأثير على الحوثيين".
وذكر أبو صريمة، في حديثه لـ"إرم نيوز": "لكن الجديد في الضربات الأمريكية الأخيرة، هو استهداف بيت المداني، في حدة بصنعاء، والتي تستخدمه الميليشيا الحوثية كمركز وغرفة عمليات، وهذه تُعد المرة الأولى التي يجري فيها ضرب مركز حيوي قيادي للحوثيين، بهذا الحجم".
ولفت أبو صريمة إلى أنه: "ربما قُتل وأُصيب فيها بعض من القيادات البارزة لدى الحوثيين، صحيح أن الميليشيا لم تُفصح عن أي معلومات بخصوص ذلك حتى اللحظة، لكن كل المؤشرات توحي وتؤكد مقتل وجرح قيادات كبيرة".
وبين أن: "الضربات الأمريكية الأخيرة، تأتي كمحاولات لردعهم، وإجبارهم على الانصياع وفهم الحلول التي تطرحها الولايات المتحدة".
ويرجح المحلل العسكري، بأنه: "إذا ما استمرت الضربات الأمريكية، على هذا المستوى، ستكون قاصمة وموجعة للحوثيين، لا سيما وأنهم يمرون بحالة من الشتات والضعف، فضلًا عن انفلات في الرأي الداخلي للجماعة؛ إذ تشهد انشقاقات حول السلطة، وحول ما يحدث".
وبحسب العقيد أبو صريمة: "فهناك أطراف داخل الجماعة، يرفضون توجه القيادة المركزية في المغامرة باليمن وبالشعب اليمني وكذا المغامرة بالجماعة كلها من أجل مصالح إيران، ويسعون لإيقاف كل ذلك".
إلى ذلك، وصف عضو الفريق الإعلامي بديوان وزارة الإعلام مرزوق الصيادي، بأن، الغارات الأمريكية الأخيرة، خصوصاً مساء السبت بـ"الدقيقة"، لا سيما وأنها استهدفت مخازن عسكرية تتبع ميليشيا الحوثيين الإرهابية المدعومة من إيران بالعاصمة صنعاء، بالإضافة إلى استهداف أحد مقرات عملياتها، وفق حديثه.
وقال الصيادي، لـ"إرم نيوز": "واقع الضربات ومن خلال نواح وعويل ما يسمى إعلام الحوثي، دليل على أن الضربات حققت أهدافها، لكن كما هو ديدن جماعة الحوثي الإرهابية، دائما ما تُخفي الإعلان عن وجود ضحايا، إلى وقت آخر لكي لا توهن معنويات المغرر بهم".
وأشار الصيادي إلى أنه: "في حال كانت الضربات قد أسقطت قتلى من القيادات الحوثية، حتى ولو لم يكونوا من رموزها البارزين، أو من قيادات الصف الأول، ففي قادم الأيام سوف تطال الرموز الكبيرة، كون قرار اجتثاث الحوثيين قد اتُخذ، ولن يكون هنالك خيار آخر غير خيار المصير المحتوم وحسم المعركة، واستعادة ما تبقى من مناطق خاضعة لسيطرتها" على حد تعبيره.