شهدت العاصمة عدن خلال الأيام الأخيرة جدلًا واسعًا حول أسباب انهيار الأسفلت في جولة السفينة، وهي حادثة أثارت استياءً شعبيًا وجدالًا كبيرًا على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي خضم هذه الأحداث، أصدرت شركة إرم ستار ERAM STAR، المنفذة لمشروع خط المجاري في المنطقة، بيانًا تفصيليًا توضح فيه موقفها من الاتهامات التي طالتها، مشددة على ضرورة التحقيق الفني المستقل للكشف عن الحقائق.
التسليم وفق المواصفات وضمان السلامة
أوضحت شركة إرم ستار في بيانها أنها انتهت من تنفيذ المشروع في نوفمبر 2021، أي قبل أكثر من ثلاث سنوات من وقوع المشكلة، وأكدت أن جميع أعمال الردم والدك نُفذت وفق المواصفات المتفق عليها في عقد المشروع، مع الالتزام بمعايير الجودة المعتمدة.
ووفقًا للبيان، لم تسجل أي ملاحظات أو مشكلات إنشائية خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث أظهر خط المجاري كفاءةً في تحمل الأوزان الثقيلة الناتجة عن حركة مرور الشاحنات الكبيرة، وكذلك الظروف المناخية القاسية التي تعرضت لها المنطقة، بما في ذلك تجمع مياه الأمطار لفترات طويلة.
أسباب الانهيار: اتهامات للطرف المسؤول عن الاستحداث
في معرض تفسيرها للحادثة، أكدت الشركة أن المشكلة لم تكن نتيجة خلل في تنفيذها للمشروع، بل نتجت عن استحداث خط لتصريف مياه الأمطار وربطه بمنهل الصرف الصحي الموجود ضمن مشروع المجاري، وأوضحت أن هذا الربط أدى إلى تسرب المياه إلى أسفل طبقة الأسفلت، مما تسبب في ضعف الطبقة السطحية وانهيارها.
وأضافت الشركة أن تأثير هذا الاستحداث كان موضعيًا، حيث اقتصر الضرر على الجهة التي تعرضت لتسرب المياه، فيما بقيت الطبقات الأخرى من الطريق سليمة.
توقيع على الوثيقة المتداولة: موقف الشركة الرسمي
تطرقت شركة إرم ستار في بيانها إلى الوثيقة المتداولة التي تضمنت توقيع ممثل لها، حيث أكدت أن التوقيع تم دون تفويض رسمي من الإدارة العليا للشركة، وأشارت إلى أن ممثل الشركة وقّع على الوثيقة تحت ضغط لحل المشكلة سريعًا، دون امتلاك المعرفة الكاملة حول ظروف تنفيذ خط تصريف مياه الأمطار المستحدث وربطه بخط الصرف الصحي.
وشددت الشركة على أن هذا التوقيع لا يمثل موقفها الرسمي، مؤكدة أن إدارة الشركة لم تطلع على الوثيقة إلا بعد انتشارها، وأنها تعتزم اتخاذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن سمعتها ومواجهة أي محاولات لتشويهها.
الدعوة إلى تحقيق شامل
دعت الشركة وزير الأشغال العامة والطرق إلى تشكيل لجنة فنية مستقلة تضم خبراء متخصصين في البنية التحتية للتحقيق في أسباب انهيار الطريق. وأكدت الشركة استعدادها للتعاون الكامل مع اللجنة وتقديم جميع المستندات والوثائق التي تثبت التزامها بالمواصفات الفنية أثناء تنفيذ المشروع.
كما شددت الشركة على أهمية تحديد المسؤوليات بدقة لضمان تحقيق العدالة وعدم تحميل طرف بعينه تبعات أفعال لا تمت بصلة إلى عمله، خاصة في ظل وجود أطراف متعددة قد تكون متداخلة في هذه القضية.
ردود الأفعال المجتمعية والإعلامية
أثارت القضية حالة من الاستياء الشعبي والانتقادات الحادة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت تعليقات متباينة حول الحادثة، وكان أبرزها تغريدة للصحفي ماجد الداعري عبر حسابه في فيسبوك، قال فيها: "من تغدى بالكذب ماتعشى به. ومش كلها ترقيع في ترقيع.. ولا الكل سيقبل بأن يغطي عليك ويتحمل المسؤولية كذبًا كما تريد يا بشمهندش!!! وقعت في فخ الكذب المخجل!!!"
التغريدة أثارت جدلًا واسعًا بين من يرى ضرورة محاسبة المسؤولين عن الخطأ ومن يدعو إلى التريث وانتظار نتائج التحقيق الفني.
القضية ضمن تحديات قطاع البنية التحتية
تُسلط هذه الحادثة الضوء على التحديات العميقة التي يواجهها قطاع البنية التحتية في عدن، حيث يعاني من ضعف في التخطيط، وغياب التنسيق بين الجهات المختلفة، وقلة الرقابة الفنية على تنفيذ المشاريع، وتتزايد هذه التحديات في ظل اعتماد المدينة على بنى تحتية متهالكة، تحتاج إلى إصلاح شامل وتطوير متكامل.
موقف الشركة وخطواتها المستقبلية
في ختام بيانها، أكدت شركة إرم ستار حرصها الدائم على الالتزام بأعلى معايير الجودة والمواصفات الفنية في جميع مشاريعها، مشددة على أن سمعتها مبنية على سجل طويل من المشاريع الناجحة.
وأكدت الشركة أنها ستواصل العمل بشفافية ووضوح مع جميع الجهات المعنية لضمان كشف الحقيقة وإنصاف جميع الأطراف، كما طالبت بمراجعة شاملة لسياسات إدارة المشاريع في عدن لتعزيز التنسيق بين الجهات المنفذة والمشرفة، بهدف تجنب تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً.
وتعد حادثة جولة السفينة اختبارًا جديدًا لمدى قدرة السلطات والقطاع الخاص على التعامل بشفافية ومسؤولية مع القضايا التي تهم المواطن، وبينما تواصل شركة إرم ستار الدفاع عن موقفها، تظل الأنظار موجهة إلى الجهات المعنية التي باتت مطالبة بإجراء تحقيق عادل يكشف الحقائق ويرسي مبادئ المحاسبة.