تمثل محطات الوزن المحوري في اليمن خط الدفاع الأول ضد الأضرار التي قد تلحق بالبنية التحتية بسبب الأوزان الزائدة على الطرق، وتقع على عاتق هذه المحطات مسؤولية مراقبة حركة النقل وضمان عدم تحميل الطرق أكثر من طاقتها، بحيث تقوم بدور حيوي في الحفاظ على سلامة الطرق، وبالتالي تساهم في الحفاظ على الاقتصاد الوطني، لكن، في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة التي يشهدها اليمن، أصبحت هذه المحطات في مرمى التحديات الكبرى، وعلى الرغم من تأديتها لدورها الحيوي في ظل أزمة اقتصادية خانقة، يعاني موظفو محطات الوزن المحوري من انقطاع الرواتب لمدة تجاوزت خمسة أشهر، مما وضعهم في مواجهة مباشرة مع الجوع والتهميش.
يأتي هذا الوضع الصعب ليعكس حجم الأزمة التي يعيشها قطاع حيوي مرتبط بالأمن الاجتماعي والاقتصادي في اليمن، فبينما تكافح محطات الوزن المحوري للقيام بدورها بكفاءة، يواجه موظفوها تداعيات انقطاع الرواتب، ما يهدد استمرارية عمل المحطات ويزيد من تعقيد الوضع، ووسط هذه المعاناة، يتساؤل كثيرون عن الأولوية في توزيع الموارد المالية: هل يجب أن تذهب الأموال إلى "شراء الولاءات" وزيادة الحملات الدعائية، أم أن الأولوية يجب أن تكون لدفع مستحقات الموظفين الذين يعتمدون على رواتبهم لتلبية احتياجاتهم الأساسية؟
الفساد والتلاعب بالأموال: هل تحققت الأهداف الحقيقية للرسوم المحصلة؟
الحديث عن "شراء الولاءات" أصبح محوراً رئيسياً في الجدل الدائر حول أداء صندوق صيانة الطرق والجسور في اليمن، حيث كشف الصحفي ماجد الداعري عن ممارسات مشبوهة قام بها بعض المسؤولين في الصندوق، الذين عرضوا على صحفيين مبالغ مالية مقابل نشر منشورات تمجد إنجازات الصندوق وتروج له بصورة إيجابية، دون الحديث عن الأزمات التي يعاني منها الموظفون.
الداعري، الذي رفض هذه العروض الفاسدة، وصفها بأنها جزء من ظاهرة فساد أكبر تستنزف الأموال العامة، مشيراً إلى أن هذه الأموال، التي من المفترض أن تستخدم في صيانة الطرق ودفع رواتب الموظفين، يتم توجيهها لأغراض شخصية أو دعائية.
وتثير هذه التصريحات تساؤلات عميقة حول كيفية إدارة الموارد المالية التي يتم جمعها من رسوم الوزن والغرامات، هل تم استخدامها لتحسين أوضاع الموظفين ودعم برامج الصيانة اللازمة للطرق، أم أن هناك توجيهاً آخر لهذه الأموال يتمثل في زيادة حملات الإعلام الموجهة وتوزيع الأموال على من يدعمون إدارة الصندوق؟ على الرغم من محاولات المسؤولين التهرب من الإجابة، يبقى السؤال قائماً: إلى أين تذهب الأموال التي يتم جمعها من رسوم الوزن والغرامات؟ وهل يتم استثمارها في ما يخدم مصلحة الشعب أم تستخدم كأدوات لتلميع صورة المسؤولين؟
الضغوط المعيشية والتهديد بتوقف العمل: هل يعجز الموظفون عن الاستمرار في ظل الأزمات؟
أزمة الرواتب ليست سوى جزء من الأزمة الأكبر التي يعاني منها موظفو محطات الوزن المحوري، فمع انقطاع الرواتب لأشهر طويلة، يجد العديد من هؤلاء الموظفين أنفسهم في مواجهة صعبة مع تكاليف الحياة الأساسية في بلد يعاني من تدهور مستمر في الوضع الاقتصادي، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية بشكل غير مسبوق، وأصبح من المستحيل على الكثيرين العيش بدون دخل ثابت، وقد تدفع هذه الظروف العديد من الموظفين إلى اتخاذ قرارات صعبة، مثل ترك العمل أو البحث عن فرص بديلة في ظل غياب الأمل في تحسن الأوضاع.
وليس هذا فحسب، بل إن العديد من الموظفين بدأوا يشيرون إلى أن استمرارهم في العمل لم يعد ممكناً في ظل غياب أي ضمانات مستقبلية، فالمحطات قد تجد نفسها عاجزة عن القيام بدورها الحيوي إذا ما استمر الوضع كما هو عليه، حيث قد يتوقف الكثيرون عن العمل، مما يؤدي إلى زيادة الأضرار على الطرق، مع تزايد حدة الضغط الاقتصادي، تظل الأسئلة تتردد: هل ستستمر محطات الوزن المحوري في أداء دورها؟ أم أن الأزمة المالية ستقضي على هذه المحطات، فتتسبب في تفاقم الأزمة المرورية وزيادة تكلفة صيانة الطرق؟
الشفافية والمساءلة: غياب الإجابات يزيد من الشكوك حول مصير الأموال
المطلب الرئيسي الذي يرفعه العاملون في محطات الوزن المحوري هو الشفافية والمساءلة في إدارة الأموال المحصلة من الرسوم والغرامات فغموض آلية توزيع هذه الأموال وعدم وضوح الأهداف يجعل من الصعب على الموظفين والمواطنين فهم كيفية صرف هذه الأموال، ويطرح كثيرون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الأموال تُخصص لدفع الرواتب المتأخرة وتحسين الظروف المعيشية للعاملين، أم أن هناك أولويات أخرى بعيدة عن مصلحة العاملين وصيانة الطرق.
الناشطون والمراقبون يطالبون بأن تكون هناك آلية واضحة لتمويل المحطات والرقابة على طريقة صرف الأموال فغياب هذه الشفافية يجعل الأوضاع أكثر تعقيداً، ويغذي الشكوك حول وجود فساد مستشري داخل الصندوق، من المهم أن يتم توجيه الأموال المحصلة نحو تحسين أوضاع العاملين في محطات الوزن وضمان استمرارية هذه المحطات في أداء مهامها، وليس لتمويل حملات إعلامية غير ضرورية أو تمويل مصالح شخصية.
حلول عاجلة لإنقاذ المحطات: إعادة ترتيب الأولويات والتزام بالمسؤولية
في ظل الظروف الحالية، لا يمكن لمحطات الوزن المحوري الاستمرار في العمل بكفاءة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل الجهات المعنية، فمن الضروري أن تتم إعادة ترتيب الأولويات المالية بشكل يعكس الواقع المعيشي للموظفين ويضمن دفع رواتبهم المتأخرة، علاوة على ذلك، يجب أن يتخذ المسؤولون إجراءات صارمة لوقف الفساد المالي، والتأكد من أن الأموال المحصلة تذهب إلى مكانها الصحيح، بما يخدم مصلحة الموظفين والطرق والبنية التحتية.
ويجب أن يكون هناك تدخل عاجل من الحكومة أو الجهات المعنية لضمان دفع الرواتب المتأخرة ووقف التلاعب بالأموال العامة. في غياب هذه الإجراءات، قد تجد محطات الوزن المحوري نفسها في وضع غير قادر على الاستمرار، مما يهدد البنية التحتية ويزيد من الأضرار الاقتصادية والبيئية على الطرقات.
ضرورة الإصلاح وإعادة الاعتبار للموظفين
إذا كانت محطات الوزن المحوري تشكل خط الدفاع الأول ضد تدهور البنية التحتية في اليمن، فإن العاملين في هذه المحطات هم "العيون الساهرة" التي تحمي الطرق والجسور من الأضرار، ولكن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، يجب أن يكون هناك إصلاحات جذرية في طريقة إدارة الأموال والموارد، وتوفير بيئة عمل تضمن حقوق الموظفين وتحقق الأهداف الحقيقية للصندوق وإذا ما استمر تجاهل هذه المطالب، فإن المحطات ستظل مهددة بالانهيار، مما سيزيد من تفاقم الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها اليمن.