آخر تحديث :الإثنين - 23 سبتمبر 2024 - 03:50 م

قصص تفاعلية


لجنة المُبعدين تحت النار.. هل تتحول بشارة التسويات إلى فتيل فوضى؟

الإثنين - 23 سبتمبر 2024 - 12:56 م بتوقيت عدن

لجنة المُبعدين تحت النار.. هل تتحول بشارة التسويات إلى فتيل فوضى؟
صورة أرشيفية

العين الثالثة/ متابعة خاصة

في الوقت الذي كانت فيه الأفراح تعم العديد من محافظات الجنوب بعد صرف التسويات المالية للمُبعدين وفق قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي، شهدت منطقة خورمكسر احتجاجات غاضبة للأسبوع الثاني على التوالي، حيث تجمع عدد من المتقاعدين أمام مقر لجنة معالجة قضايا المُبعدين.


هذه الاحتجاجات جاءت كرد فعل على ما وصفه المحتجون بـ"التقصير"، بعد استثنائهم من التسويات المالية التي طال انتظارها.

خلفية اللجنة.. جهود لا يُنكرها إلا جاحد
تأسست لجنة معالجة قضايا المُبعدين في محافظات الجنوب بقرار رئاسي رقم (2) لعام 2013م، برئاسة القاضي سهل حمزة، وعملت اللجنة منذ ذلك الوقت بجهود جبارة لمعالجة قضايا المبعدين المدنيين والعسكريين.

ومنذ إنشائها، استمرت اللجنة في أداء مهمتها على مدار 12 عامًا، وهي فترة طويلة بالنسبة لأي لجنة حكومية، غالبًا ما يتم تشكيلها لفترات مؤقتة. ومع ذلك، استمرت اللجنة في العمل، متحدية الصعوبات والضغوط التي واجهتها.

لكن كما هو الحال في أي عمل حكومي طويل الأمد، لم يكن من الممكن إرضاء الجميع. فقد وصف البعض عمل اللجنة بالتقصير، وهو اتهام يتردد في كثير من الأحيان مع أي جهد حكومي، بغض النظر عن الحقائق على الأرض، فالغضب الجماهيري الذي تجسد في قطع الطرقات وإحراق الإطارات أمام مقر اللجنة كان بمثابة إجحاف بحق الجهود التي بُذلت طوال هذه السنوات.

جذور الاحتجاجات.. تقاعس أم لا يقين؟
يُشير الكاتب الصحفي محمد البُقعي إلى أن معظم من شاركوا في هذه الاحتجاجات هم من الأشخاص الذين تأخروا في تقديم تظلماتهم للجنة.

على مدار 12 عامًا، كان الباب مفتوحًا أمام الجميع لتقديم ملفاتهم والتظلم من القرارات السابقة، إلا أن البعض تقاعس عن القيام بذلك، ربما نتيجة حالة "اللا يقين" التي طالما سادت في البلاد، خاصة في الجنوب الذي عانى من الحروب والاضطرابات منذ عقود، لكن من غير العدل تحميل اللجنة وحدها مسؤولية هذا التأخير.

العديد من المتظاهرين يحملون مظالم قديمة تعود إلى ما قبل حرب 1986م، في حين أن آخرين يطالبون بتعويضات عن أحداث ما بعد 2014م. وهذه المظالم، رغم مشروعيتها، تخرج عن نطاق صلاحيات لجنة معالجة المُبعدين، التي حددت صلاحياتها في المادة (2) من القرار الرئاسي بمعالجة آثار المدنيين والعسكريين منذ عام 1990 وحتى عام 2013، وفي إطار محافظات الجنوب فقط.

حدود صلاحيات اللجنة.. والأحقية بالمطالبة
هنا، تكمن المشكلة الأساسية التي تواجهها اللجنة: مظالم ما قبل عام 1990 وما بعد 2013 لا تندرج ضمن صلاحياتها، ومع ذلك، لم تتجاهل اللجنة هؤلاء المتظاهرين، بل أشارت إلى أنه من حقهم اللجوء إلى مجلس القيادة الرئاسي لاستصدار قرار آخر يعالج هذه الفجوات الزمنية، لكن يبقى السؤال: هل من المنطقي تحميل لجنة معالجة المُبعدين مسؤولية كل مظالم البلاد؟

الوضع في اليمن معقد للغاية، والجنوب على وجه الخصوص شهد صراعات وحروبًا تركت وراءها آثارًا مؤلمة.

المطالب بالتعويض والعدالة مشروعة، ولكن لا يمكن معالجة جميع هذه القضايا دفعة واحدة أو تحميل لجنة واحدة عبء تلك المسؤولية. فهناك ضرورة لتفهم حدود صلاحيات هذه اللجنة واللجوء إلى الجهات المناسبة لرفع تلك المطالب.

بشارة التسويات.. أم رصاص الفوضى؟
ما تم الإعلان عنه من تسويات مالية للمُبعدين، رغم عدم كفايتها للتعويض عن الأضرار النفسية والجسدية التي لحقت بالكثيرين، يُعد بادرة حسنة وخطوة في الاتجاه الصحيح، فالهدف الأساسي منها هو إعادة الحقوق لأصحابها، وإن كانت هذه الحقوق قد تأخرت طويلاً.

لا أحد يمتدح قرار رئيس مجلس القيادة الدكتور رشاد العليمي بقدر ما هو اعتراف بحقوق المغبونين الذين تأخر إنصافهم، لكن الاحتجاجات التي تزامنت مع صرف هذه المستحقات، والتي شهدت أعمال فوضى وقطع للطرقات، تُعد محاولة لتعكير أجواء البشارة التي كان من المفترض أن تكون فرصة للتهدئة والتفاؤل.

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نبرر هذه الاحتجاجات التي تُطلق "رصاص الفوضى" وسط الأفراح، كما وصفها الكاتب.

تفهُم المطالب ولكن!
في الختام، لا شك أن المظالم التي يعاني منها الشعب الجنوبي حقيقية ومؤلمة، والاحتجاج حق مشروع في أي نظام ديمقراطي، لكن يجب أن يتم هذا الحق بطرق سلمية لا تعطل الحياة العامة أو تقف في وجه جهود إصلاحية تُبذل على مدى سنوات.

لجنة معالجة المُبعدين ليست معصومة، ولكن تحميلها مسؤولية جميع مشاكل البلاد هو أمر غير منطقي، والمطلوب هو التعاون مع الجهات المعنية ودعم خطوات الإصلاح، مع استمرار الضغط بطريقة بناءة لإيصال صوت كل من يحمل مظلمة لم تُحل بعد.

فهل نحن على أعتاب مرحلة جديدة من التصحيح والمصالحة؟ أم أن رصاص الفوضى سيستمر في تعكير صفو أي خطوة إيجابية نحو الأمام؟

شاهد أيضًا

لجنة المُبعدين تحت النار.. هل تتحول بشارة التسويات إلى فتيل ...

الإثنين/23/سبتمبر/2024 - 12:56 م

في الوقت الذي كانت فيه الأفراح تعم العديد من محافظات الجنوب بعد صرف التسويات المالية للمُبعدين وفق قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي، شهدت منطقة خورمكسر


وفود غامضة تجوب شوارع عدن.. هل باتت المدينة مسرحًا جديدًا لل ...

الإثنين/23/سبتمبر/2024 - 10:50 ص

في مشهد غير مألوف أحدث ضجة في شوارع عدن وأثار الريبة بين سكانها، ظهرت مجموعة من الأشخاص ذوي البشرة السمراء وهم يسيرون على الأقدام باتجاه المدينة. هؤلا


الإنترنت الفضائي بين وعود الاتصال ومخاوف المراقبة.. ماذا تخف ...

الإثنين/23/سبتمبر/2024 - 02:45 ص

في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع الاتصالات في اليمن، تم توقيع اتفاقية جديدة لتقديم خدمة الإنترنت الفضائي عبر شركة ستارلينك، التي تعتبر خطوة نحو


العليمي والُزبيدي يلتقيان الرئيس الفلسطيني لمناقشة المستجدات ...

الإثنين/23/سبتمبر/2024 - 02:31 ص

التقى الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، برفقة عضوي المجلس عيدروس الزبيدي وعثمان مجلي، الأحد في نيويورك، الرئيس محمود عباس (أبو ماز