آخر تحديث :الخميس - 06 فبراير 2025 - 08:38 م

منوعات


"صرخات في العتمة" لنساء في المغرب

الخميس - 06 فبراير 2025 - 05:20 م بتوقيت عدن

"صرخات في العتمة" لنساء في المغرب

العين الثالثة/ متابعات

"كانوا يضربونني باستمرار، ويخرجونني إلى الشارع، حتى أطفالي لم يسلموا، زوجي كان يخنقني ويضرب طفلتي ذات الـ3 سنوات ويروع رضيعي البالغ سبعة أشهر"، هكذا تلخص حياة (18 سنة) من مدينة ورزازات (جنوب المغرب)، معاناتها مع العنف الذي تحول إلى جزء من حياتها اليومية.

تقول حياة، لموقع "الحرة"، إنها تزوجت حين كانت في الثالثة عشرة من عمرها من رجل يكبرها بتسع سنوات، بعد ظروف قاسية بسبب تخلي والدتها عنها وتعرضها لاعتداءات متكررة من زوجة والدها، لتواجه العنف المستمر من زوجها وعائلته على مدار تسع سنوات، حيث تعرضت لكدمات وجروح وكسور ولا تزال آثار العنف على جسدها. بحسب تعبيرها.

رغم سنوات العنف، لم تكن حياة تملك رفاهية الهروب، فكلما لجأت إلى السلطات وقدمت شكاية ضد زوجها، كانت تجد نفسها بلا مأوى، تنام في الشوارع مع أطفالها، حتى تضطر للعودة والتنازل عن شكايتها.

ومع كل مرة تعود فيها يزداد العنف، ولم يكن الأمر مجرد ضرب بل إهانة وحرمان "كانوا يعاملونني كخادمة، أجبروني على غسل أقدامهم، وتقليم أظافرهم، بينما كنت أحلم فقط بأن أعيش بكرامة". تضيف حياة.

اليوم، تعيش حياة في حالة نفسية صعبة، حيث تتناول أدوية الاضطرابات العصبية بشكل يومي، وقررت أن تطالب بالطلاق إلا أنها تخشى أن ينتزع منها أطفالها أو تجد نفسها مجددا بلا مأوى.

"لا أريد سوى بيت يأويني، بعيدا عن العنف... لا أريد لأطفالي أن يكبروا وسط هذا الجحيم"، تقول بحزن، متسائلة عن مستقبلها ومستقبل أطفالها وسط هذه المعاناة المستمرة حيث تعجز عن اتخاذ قرار ينهي معاناتها.

آثار العنف
وتتقاطع هذه المعاناة مع قصة فاطمة التي تزوجت عام 2008 على أمل بناء حياة مستقرة، رغم أن زوجها كان يعاني من نوبات صرع ولم يكن له عمل ثابت.

دعمت علاجه وتحسنت حالته الصحية، لكنها سرعان ما اكتشفت أن مشكلته الحقيقية لم تكن المرض بل العنف، إذ بعد عامين من الزواج، تلقت أولى الصفعات، لكنها التزمت الصمت خوفا من مواجهة عائلتها التي كانت ترفض هذا الزواج منذ البداية.

توضح فاطمة، لموقع "الحرة"، أن العنف تحول إلى روتين يومي في حياتها، حيث كانت تُضرب لمجرد دفاعها عن أطفالها أو بسبب خلافات بسيطة حول شؤون المنزل، مضيفة أن العنف بلغ ذروته خلال جائحة كورونا، حيث ضربها بقوة حتى فقدت وعيها، وحين استفاقت وجدته يجرها إلى غرفة أخرى، مهددا: "إذا كان لك أحد يحميك، فدعيه يأتي الآن".

وتحكي فاطمة أنها تعرضت في إحدى الليالي لاعتداء آخر عنيف، فجمعت أطفالها وتوجهت إلى السلطات وقدمت شكاية.

بيد أن استدعاء الزوج لم ينفذ بعد وساطة من العائلة، لكنها أدركت أن العنف لن يتوقف حيث استمر التهديد حتى استقال زوجها من عمله ليحرمها من أي نفقة قانونية، مهددا إياها بالتنازل عن مستحقاتها القانونية إذا أرادت الطلاق.

واليوم، تعيش فاطمة في مدينة الفقيه بن صالح بعد أن غادرت منزلها رفقة أطفالها الثلاثة وهي تحمل آثار العنف الذي امتد إلى أطفالها، حيث يعاني ابنها الأكبر (15 سنة) من التبول اللاإرادي بسبب الضغط النفسي، وابنتها الوسطى تحمل خوفا عميقا من جميع الرجال.

"كنت أظن أنني قادرة على التغيير"، تقول فاطمة، لكنها وجدت نفسها اليوم تكافح من أجل الحصول على الطلاق وضمان مستقبل أطفالها.

معركة قانونية
في عام 2006، تزوجت فتيحة عام 2006 على أمل بناء حياة مستقرة، وساهمت بذهبها وجهدها في بناء المنزل الذي جمعها بزوجها. لكنها سرعان ما أدركت أن هذا الاستثمار العاطفي والمادي لن يحميها من العنف.

فمع مرور السنوات، بدأ زوجها يمهد لفكرة الزواج بأخرى، وطلب منها التوقيع على الإذن بالتعدد وحين رفضت، ازدادت حدة الاعتداءات.

تروي فتيحة لموقع "الحرة"، أن العنف تصاعد منذ عام 2021، فلم يعد يقتصر على الضرب، بل شمل محاولات الخنق والتهديد بالقتل، وفي إحدى الليالي هاجمها عند باب المنزل، فارتطم رأسها بالحائط قبل أن ينهال عليها بالضرب حتى كُسرت يدها. وفي حادثة أخرى خنقها بنقابها حتى كادت تفقد الوعي.

وتؤكد فتيحة، وهي أم لثلاثة أطفال، أنها قدمت شكايات مدعمة بشهادات طبية تثبت الإصابات، لكنها لم تحصل على حماية فعالة، وفق تعبيرها.

وفي إحدى الحالات، حكم عليه بالسجن أربعة أشهر مع غرامة مالية، لكنه بعد انقضاء المدة عاد ليكرر الاعتداءات.

ورغم طلاقها في ديسمبر 2023، استمر العنف ضد فتيحة من طرف زوجها السابق الذي يهددها بالطرد من البيت بعد أن باع طابقين منه.

وقالت "أخوض اليوم معركة قانونية ضد العنف والاغتصاب والتحرش الذي أتعرض له من طرف زوجي السابق رغم الطلاق".

تصاعد مستمر

تكشف شهادات حياة وفاطمة وفتيحة عن واقع مؤلم تتقاسمه العديد من النساء في المغرب، العنف الذي يبدأ داخل جدران البيت ويتحول إلى كابوس مستمر حتى بعد الفرار أو الطلاق.

ورغم أن الاعتداءات على النساء ليست جديدة، فإن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي جعل بعض هذه الجرائم أكثر وضوحا، كما حدث مؤخرا مع مقطع الفيديو الذي وثّق اعتداء عنيفا لشخص على ثلاث نساء في منطقة العوامرة نواحي مدينة العرائش، مما أثار موجة استنكار واسعة.

وترى رئيسة جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة"، بشرى عبدو، في تصريح لموقع "الحرة"، أن العنف ضد النساء في تصاعد مستمر، وأن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تلعب دورا مزدوجا، حيث تساهم في كشف الانتهاكات وتحريك الجهات المختصة، لكنها في الوقت ذاته قد تزيد من معاناة الضحايا بسبب التشهير بهن.

وتضيف عبدو "رغم أن نشر هذه المقاطع يسلط الضوء على خطورة الوضع، فإن غياب الحماية الفعلية يطرح تساؤلات حاسمة حول تلقي الناجيات للدعم القانوني والنفسي الذي يحتجن إليه ومدى فعالية القوانين في ردع المعتدين وعدم تكرار هذه الجرائم"، منتقدة العقوبات المخففة بحق الجناة بكونها تعزز الإفلات من العقاب.

وذكرت الناشطة الحقوقية أن النساء يواجهن أيضا تعقيدات إجرائية تثقل كاهلهن، إذ يجبرن على التنقل بين مراكز الشرطة والمستشفيات والنيابة العامة وإعادة سرد معاناتهن عدة مرات، مما يزيد من صدمتهن النفسية، داعية إلى تبسيط هذه الإجراءات وتوفير مساعدة قضائية مجانية للضحايا، إلى جانب تفعيل وسائل حماية أكثر فاعلية.

تغييرات مجتمعية

ومن جانبها، ترى المحامية عضوة المكتب الوطني لـ"فدرالية رابطة حقوق النساء"، سعاد بطل، أن القانون رقم 103.13 يمثل خطوة مهمة في محاربة العنف ضد النساء، لكنه يواجه صعوبات في التطبيق، خصوصا فيما يتعلق بإثبات العنف داخل البيت الزوجي.

وقالت "بسبب غياب الشهود وامتناع المجتمع عن التدخل، تجد الضحايا أنفسهن عاجزات عن تقديم أدلة قانونية كافية لحماية حقوقهن".

وتتابع بطل حديثها لموقع "الحرة"، مؤكدة أن كثيرا من الضحايا يشعرن بالإحباط حتى بعد صدور أحكام ضد المعتدين، لأن العقوبات لا تكون منصفة في نظرهن، ولا تعكس حجم المعاناة التي تعرضن لها. مشيرة إلى أن العنف الزوجي يستخدم أحيانا كوسيلة لابتزاز المرأة ودفعها إلى طلب الطلاق والتهرب من الالتزامات المالية للزوج.

وتعتبر بطل أن مواجهة العنف ضد النساء لا يمكن أن تقتصر على القوانين فقط، بل تتطلب تغييرات مجتمعية جذرية تشمل التربية داخل الأسرة والمناهج التعليمية والتوعية الدينية، مؤكدة أنها كلها عوامل تلعب دورا أساسيا في تكريس ثقافة مناهضة للعنف.

وتشدد أن العنف ليس مجرد سلوك فردي، بل هو ظاهرة مترابطة بعوامل نفسية واجتماعية وتربوية، داعية إلى تعزيز دور الإعلام والمجتمع المدني في التوعية، وإلى تطبيق القانون بصرامة لضمان تحقيق العدالة وحماية النساء من العنف الممنهج الذي يعانين منه يوميا.

شاهد أيضًا

احتجاجات عدن تصل إلى "الخط الأحمر".. العليمي يتعهد بحل الأزم ...

الخميس/06/فبراير/2025 - 07:41 م

في ظل الوضع المتأزم الذي تشهده العاصمة عدن، والتي عاشت ساعات من الاحتجاجات المطلبية السلمية، أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي، عن


عدن تختنق بالأزمات: ظلام، عطش، وجوع وسط انهيار شامل ...

الخميس/06/فبراير/2025 - 08:30 ص

في أقل من 36 ساعة، وجدت العاصمة المؤقتة عدن نفسها غارقة في ظلام دامس وعطش شديد، وسط انهيار اقتصادي متسارع وأزمات معيشية خانقة، الكهرباء مقطوعة، المياه


الزُبيدي من جنيف: الجنوب يجسد قيم التسامح ويخوض معركة مصيرية ...

الثلاثاء/04/فبراير/2025 - 01:55 م

أكد اللواء عيدروس الزُبيدي، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أن الجنوب يواصل نضاله لترسيخ قيم السلام والتسامح على ا


عرب أميركا بين مطرقة ترامب وسندان الترحيل.. 13 ألف مهاجر عرب ...

السبت/01/فبراير/2025 - 03:35 م

أحصت الجزيرة نت 13 ألفا و224 مهاجرا عربيا غير نظامي في الولايات المتحدة يخشون ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية بسبب السياسات الجديدة والأوامر التنفيذية الت