آخر تحديث :الإثنين - 23 ديسمبر 2024 - 09:00 م

اخبار العالم


اللجوء السوري في لبنان.. بين دعوات العودة ومخاوف الانتقام

الجمعة - 20 ديسمبر 2024 - 12:30 ص بتوقيت عدن

اللجوء السوري في لبنان.. بين دعوات العودة ومخاوف الانتقام

العين الثالثة/ متابعات


بعد سقوط رئيس النظام السوري السابق، بشار الأسد، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، اللاجئين السوريين في لبنان إلى العودة إلى وطنهم.

وفي سياق التحولات السياسية والأمنية في سوريا، رأى عدد من السياسيين اللبنانيين أن استمرار وجود اللاجئين السوريين في لبنان لم يعد مبرراً، خصوصاً بعد طلب الحكومة الانتقالية السورية من جميع السوريين في الخارج العودة إلى البلاد، وصدور عفو شامل عن المطلوبين للنظام.

وطلب ميقاتي، من المجتمع الدولي، سيما أوروبا، أن يساعد في عودة السوريين عبر الانخراط في جهود التعافي التي تبذل في المناطق الآمنة في سوريا، لافتاً خلال ندوة عقدت في روما السبت الماضي إلى أن "اللاجئين السوريين يشكلون ما نسبته ثلث سكان لبنان".

ويبلغ عدد سكان لبنان وفق السلطات 5 ملايين و8 ألف نسمة، وتستضيف البلاد نحو مليوني سوري، أكثر من 800 ألف منهم مسجلين لدى الأمم المتحدة، والرقم هو الأكبر عالمياً نسبة لعدد السكان.

في المقابل، شهد لبنان موجة لجوء معاكسة بعد سقوط النظام السوري، حيث دخل إلى الأراضي اللبنانية عدد من السوريين الذين كانوا محسوبين على نظام بشار الأسد، سواء كانوا من المسؤولين السابقين، أو عناصر في الأجهزة الأمنية، أو مقاتلين، أو حتى مدنيين مرتبطين بالنظام، وذلك خوفاً من تعرضهم للانتقام أو الملاحقة من قبل خصوم النظام في الداخل السوري.

وتحدثت تقارير إلى أن بعض هؤلاء دخلوا إلى لبنان بطرق غير شرعية عبر الحدود البرية، ومنهم من حمل معه أسلحته الفردية، ما أثار قلقاً من احتمال تهديدهم للأمن في لبنان.

حلم تبدده العوائق
لا تفكر فادية، اللاجئة السورية المقيمة في لبنان منذ عشر سنوات، بالعودة إلى بلدها في الوقت الحالي، قائلة "صحيح أن البلاد تحررت من بشار الأسد و"شبيحته" الذين نشروا الخوف بين الناس واعتقلوهم وعذبوهم، لكن الوضع لا يزال خطيراً وغير مطمئن. أخشى من خلايا نائمة وتدهور الوضع الأمني، كما أني لا أستطيع التمييز بين الصديق والعدو في هذه المرحلة".

فادية، التي تنحدر من مدينة حلب بينما زوجها من جرابلس، تشرح عن ظروفها في حديث لموقع "الحرة"، "منزلي في مدينة حلب دمّر بالكامل خلال الحرب، وبيت زوجي في جرابلس احتله الأكراد. نحن نحب وطننا ونحلم بالعودة إليه والعيش بأمان وكرامة، لكن الواقع الحالي لا يسمح لنا بذلك. سوريا ما زالت غير مستقرة، ولا يمكننا أن نجازف بالعودة إلى وطن مليء بالمخاطر، مع العلم أني أعيش الآن مع عائلتي المؤلفة من أربعة أولاد في غرفة ناطور".

كذلك تتمنى اللاجئة آية، العودة إلى سوريا والاستقرار في بلدها، لكن الواقع يحول دون تحقيق هذا الحلم، وتقول "لا نملك سقفاً يأوينا في سوريا، منزل عائلة زوجي في إدلب دمّر بالكامل، وإمكانياتنا المادية محدودة جداً".

وتقول آية لموقع "الحرة"، "لا أريد أن أعود وأجد نفسي عاجزة عن تأمين أبسط حقوق أطفالي في حياة كريمة، كيف سأتمكن من تسجيلهم في المدارس؟ وكيف سأوفر لهم ما يحتاجونه؟ الوضع ليس سهلاً، لذلك العودة غير ممكنة الآن".

ويشدد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الظروف الأمنية والإنسانية عند الدعوة إلى عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى بلادهم.

ويقول عبد الرحمن في حديث لموقع "الحرة" "هناك مناطق آمنة ومنازل لم تتعرض للدمار، البعض غادرها بسبب الخوف من الاعتقالات، لكن بالمقابل توجد مناطق مدمرة ومليئة بالألغام، ما يعرض العائدين لخطر كبير. لذلك يجب أن تكون العودة وفقاً للمنطقة التي جاء منها كل شخص، وليس عبر دعوات جماعية غير مدروسة."

ويؤكد أن "اللاجئين السوريين لن يبقوا في لبنان إلى الأبد. لبنان يعاني من أزمات اقتصادية حادة ويواجه تحديات إعادة الإعمار، الشعب السوري كان يحلم بالحرية، واليوم أصبح هذا الحلم واقعاً."

خارج إطار السياسة
"من يقرر زوال أسباب اللجوء ليس السلطة السياسية"، كما تشدد الناشطة الحقوقية والمحامية، ديالا شحادة، "إنما القضاء الذي ينظر في أي طعن قد يتقدم به لاجئ صدر بحقه قرار ترحيل.

وهنا يمكن للخطاب السياسي أن يعبّر عن رأي، لكنه لا يجب أن يكون أساساً لبناء سياسة الترحيل."

وتضيف شحادة في حديث لموقع "الحرة"، "بالنسبة لما صدر عن بعض السياسيين حول زوال أسباب لجوء السوريين في لبنان، نشيد أولاً بأنهم اعترفوا الآن بحقيقة أنكروها سابقاً.

ففي أوقات سابقة، اعتبر هؤلاء أن أسباب اللجوء قد زالت، مستندين إلى توقف النزاع المسلح في معظم الأراضي السورية.

أما الآن، فنشكرهم على إقراره بأن الأسباب الحقيقية للجوء السوريين في لبنان تتمثل في وجود نظام يمارس جرائم ممنهجة بحقهم منذ عقود".

وتتابع "صحيح أن العديد من اللاجئين السوريين يعودون طوعاً إلى سوريا، وأنا على دراية بذلك من خلال تواصلي مع لاجئين سبق لي أن مثلتهم قانونيًا في قضايا مختلفة. لكن المشكلة تكمن في أن عدداً كبيراً منهم، ربما يصل إلى نصف عدد السوريين في لبنان، إن لم يكن أكثر، هم من مناطق لا تزال مدمرة بالكامل، خصوصاً مناطق شمال شرق وشرق سوريا بالتالي أسباب اللجوء بالنسبة لهؤلاء لا تزال قائمة."

نظام الأسد لم ينشئ كما تقول الناشطة الحقوقية "مخيمات لإيواء اللاجئين، ولم يضع أي خطة عملية لإعادة إعمار المناطق المدمرة. لا أعلم إن كان هؤلاء اللاجئون مستعدين للعودة فوراً في ظل غياب بيوت أو مخيمات تأويهم".

كذلك أكدت مفوضية اللاجئين في لبنان على حق اللاجئين السوريين بالعودة إلى وطنهم، في الوقت الذي يختارونه، مشددة على ضرورة أن تكون العودة "طوعية وآمنة".

وقالت الناطقة باسم المفوضية، دلال حرب، لـ"الحرة"، في 15 ديسمبر، إن المفوضية "على استعداد لدعم اللاجئين العائدين حينما تسمح الظروف بذلك، مع التشديد على أنه في أوقات عدم اليقين هذه، هناك ضرورة لمنح اللاجئين المرونة لتقييم الظروف عند عودتهم، مثل القيام بزيارات استطلاعية".

يذكر أنه في أكتوبر الماضي، عاد إلى سوريا أكثر من 300 ألف سوري، من جرّاء التصعيد العسكري الذي استمر نحو شهرين بين إسرائيل وحزب الله، قبل أن ينتهي بإعلان وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر.

لبنان مأوى للفارين؟
أفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" في 10 ديسمبر، نقلاً عن وسائل إعلام لبنانية وهيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية "كان"، أن مسؤولين بارزين في النظام السوري المخلوع، فروا إلى لبنان بمساعدة حزب الله، وذلك في الأيام التي سبقت سقوط نظام بشار الأسد.

وضمت قائمة الفارين بحسب الصحيفة أفراداً من عائلة الأسد، ومسؤولي استخبارات، ورجال أعمال مقربين من النظام. ومن بين الأسماء التي أُشير إليها، المدير السابق لمكتب الأمن الوطني السوري، علي مملوك.

يذكر أن مملوك مطلوب للسلطات اللبنانية منذ عام 2012، بتهم تتعلق بالتخطيط لاغتيال شخصيات سياسية ودينية لبنانية، كما أنه مطلوب من الحكومة الفرنسية منذ عام 2018 بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وبحسب التقرير، تم تزويد المسؤولين السوريين بلوحات ترخيص لبنانية، وجرى تهريبهم إلى بيروت بمساعدة عناصر من حزب الله. ويعتقد أن هؤلاء المسؤولين يقيمون حالياً في الضاحية الجنوبية لبيروت، المعقل الرئيسي للحزب.

وفي نفس السياق، أشارت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب، خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس في بيروت، الثلاثاء، إلى أن عشرات الآلاف من الناس غادروا سوريا، وقالت "نسمع أن منتمين إلى أقليات دينية خصوصاً يغادرون"، متحدثة عن تقارير تفيد بأن أعضاء من الطائفة الشيعية هربوا من البلاد، "ليس لأنهم تعرضوا لتهديد فعلاً، بل لأنهم قلقون إزاء أي تهديد محتمل".

من جانبه أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، بسّام مولوي، أنه لا يسمح لأي سوري ملاحق بملفات قضائية بالدخول إلى لبنان، مشدداً، خلال مؤتمر صحفي عقد في 10 ديسمبر، على أن الدخول إلى لبنان مسموح فقط لمن يحمل إقامة شرعية، أو جواز سفر أجنبي مع إقامة أجنبية، كما يسمح بالدخول ترانزيت بشرط إبراز بطاقة سفر محجوزة.

وفي حديث إعلامي، أدلى به مولوي في 16 ديسمبر أكد أن "أي مطلوب في سوريا لم يدخل عبر المعابر الشرعية اللبنانية"، مشيراً إلى أن "مستشارة الأسد، بثينة شعبان دخلت لبنان بطريقة شرعية وسافرت عبر مطار بيروت"، لافتاً إلى أن "هناك مسؤولين سوريين دخلوا إلى لبنان بطرق غير شرعية، ونحن نعمل على ملاحقتهم".

وأضاف مولوي "لا نعتبر أن أي مطلوب للقضاء اللبناني أو الدولي، ومن بينهم علي مملوك، متواجد حالياً في الأراضي اللبنانية، ونتابع هذا الموضوع من خلال تنفيذ مداهمات".

وأمس الأربعاء، أكد مولوي في حديث لوسيلة إعلامية محلية، أن "زوجة ماهر الأسد ونجله دخلا لبنان وغادرا عبر المطار" لافتاً إلى أن "كل شخصية غير مطلوبة تدخل إلى لبنان بطريقة شرعية يسمح لها بالمغادرة".

وزار مولوي، الخميس، مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، متفقّداً الترتيبات والإجراءات الأمنية المتّخذة من قبل جهاز أمن مطار بيروت، وأكد أن "العمل الأمني يجري بشكل جيّد جداً، والهواجس الأمنية لم تؤثر على المطار والإجراءات المتّخذة تتمّ بالتنسيق مع كل الأجهزة الأمنية".

وأشار إلى أن صور ⁠المطلوبين من النظام السوري السابق، معممة في قاعات الوصول وعند المنافذ، وبالتالي لا يمكن أن يحدث خطأ أمني في مطار بيروت مؤكداً على تطبيق القوانين.

وفيما يتعلق بدخول بعض حلفاء النظام السوري إلى لبنان، يوضح عبد الرحمن "لقد دخل هؤلاء بطرق شرعية وغير شرعية، ومن بينهم شخصيات ارتكبت جرائم حرب دخلت بجوازات سفر سورية نظامية، لكن بأسماء مزيفة".

ويضيف عبد الرحمان، "هؤلاء يجب إعادتهم إلى سوريا لمحاكمتهم على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب السوري، والتي لا تقتصر على الاعتقالات التعسفية، بل تشمل كذلك المقابر الجماعية، تدمير المدن والبنى التحتية بالقصف، إضافة إلى تورطهم في تجارة الكبتاغون"، ويشدد "المحاسبة قادمة، وبشار الأسد سيواجه العدالة على الجرائم المرتكبة."

من جانبها توضح شحادة أنه "يمكن منح صفة اللاجئ للفارين من سوريا، بسبب ولائهم لنظام الأسد وخشيتهم من التعرض للاضطهاد من قبل أي طرف آخر، إذا أثبتوا أنهم فعلاً معرضون للاضطهاد. ولكن حتى الآن، لم نرَ مؤشرات واضحة أو أشكالاً من الاضطهاد تمارس ضد مؤيدي النظام السابق أو أتباعه أو موظفيه في سوريا. بالتالي، لا يكفي أن يدّعي شخص ما خوفه من الاضطهاد ليُمنح حقوق اللاجئ، بل عليه إثبات ذلك أمام القضاء المختص، خصوصاً إذا كانت الدولة التي لجأ إليها غير مقتنعة بادعاءاته."

وتلفت شحادة إلى أن "من يفر من بلده بسبب الاضطهاد لا يعتبر الدخول الشرعي أو غير الشرعي معياراً أساسياً في تقييم وضعه كلاجئ. في لبنان، صدرت أحكام عديدة منذ بداية الثورة السورية، تبرّئ الأشخاص الذين دخلوا البلاد بطرق غير شرعية، وذلك استناداً إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تبناه لبنان في دستوره".

وتضيف شحادة أن "هذا الإعلان يضمن حق اللجوء لكل إنسان يتعرض للاضطهاد في بلده"، لافتة إلى أن "بعض القوانين الدولية والكثير من القوانين الوطنية، تحرم اللاجئين من الحقوق المكفولة لهم فيما لو ثبت أنهم ارتكبوا جرائم ذات طابع دولي، أو جرائم خطيرة ضد الدولة المضيفة".

المعيار الحقيقي ليس طريقة الدخول إلى لبنان، كما تقول الناشطة الحقوقية "بل إن كان هؤلاء فعلاً معرضين للاضطهاد في سوريا اليوم، حيث يقع على عاتقهم إثبات ذلك أمام القضاء اللبناني، في حال رفض بقائهم بصفتهم لاجئين. كذلك يجب إثبات ذلك أمام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التي تتولى تحديد ما إذا كانت هناك بالفعل أشكال من الاضطهاد تمارس ضد مؤيدي النظام السابق وأعوانه."

شاهد أيضًا

تعميم جديد لضبط مراكز التداوي بالقرآن في شبوة ...

الإثنين/23/ديسمبر/2024 - 04:00 م

أصدر مكتب الأوقاف والإرشاد بمحافظة شبوة، بقيادة عبدالعزيز بن صائل، تعميمًا لجميع مراكز التداوي بالقرآن الكريم، شدد فيه على الالتزام بالضوابط الشرعية،


بريطانيا واليمن تتفقان على تنسيق الجهود الدولية ...

الإثنين/23/ديسمبر/2024 - 03:25 م

بحث عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء الركن فرج البحسني، اليوم، مع السفيرة البريطانية لدى اليمن عبده شريف، سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتنس


في لفتة إنسانية.. ناشطون يعثرون على أغراض مفقودة ويدعون صاحب ...

الإثنين/23/ديسمبر/2024 - 03:04 م

نشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إعلانًا عن العثور على أغراض شخصية مفقودة داخل كيس صغير في منطقة خط التسعين بمدينة عدن. وذكر المنشور أن الأغراض


عدن تسجل نجاحًا باهرًا في عمليات القلب! ...

الأحد/22/ديسمبر/2024 - 10:13 م

في إنجاز طبي غير مسبوق في العاصمة عدن، أُجريت لأول مرة عملية زراعة صمام الأورطي عبر القسطرة القلبية، في مستشفى الأمير محمد بن سلمان، وذلك بفضل الله ثم