آخر تحديث :الجمعة - 18 أكتوبر 2024 - 12:41 ص

قضايا


الفساد المستشري في التعليم العالي: كيف تحولت الوزارة إلى حلبة لصوصية تهدد مستقبل الأجيال؟

الخميس - 17 أكتوبر 2024 - 10:00 م بتوقيت عدن

الفساد المستشري في التعليم العالي: كيف تحولت الوزارة إلى حلبة لصوصية تهدد مستقبل الأجيال؟

العين الثالثة/ متابعة خاصة


في خضم الأزمات المستمرة التي تعصف باليمن، يتكشف يومًا بعد يوم عن مدى تفشي الفساد في مؤسسات الدولة، ولا سيما في قطاع التعليم العالي الذي يعتبر من أبرز ضحايا هذه الممارسات.

في هذا السياق، تبرز قضية الأستاذ المشارك الدكتور عبدالله صالح الحاج، رئيس الجهاز التنفيذي للمجلس الأعلى لكليات المجتمع، كعينة صارخة للمشكلات التي يواجهها النظام التعليمي في البلاد حيث يتعرض الدكتور الحاج لتهديدات وإجراءات عقابية نتيجة موقفه الشجاع في التصدي لصفقة فساد تصل قيمتها إلى 60 مليون دولار أمريكي، تهدف إلى تجهيز 12 كلية مجتمع بتمويل من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، هذه الصفقة، التي تسير في إطار مناقصة مشبوهة، تكشف عن خروقات قانونية متعددة تضع النظام التعليمي في مأزق حقيقي.

خلفية القضية: فساد عميق في التعليم
تعتبر قضية تجهيز الكليات في اليمن تجسيدًا حقيقيًا للتحديات التي يواجهها التعليم العالي، حيث تسعى الحكومة اليمنية، بالتعاون مع الصندوق الكويتي، إلى تنفيذ مشروع ضخم يهدف إلى تطوير الكليات المستهدفة. ومع ذلك، يكشف تحليل المناقصة عن سلسلة من المخالفات القانونية التي تثير تساؤلات جدية حول نزاهة العملية وشفافيتها.

يعود تاريخ المناقصة إلى بداية عام 2023، حين أعلنت الحكومة عن نيتها تجهيز 12 كلية مجتمع في مختلف أنحاء الجمهورية. لكن هذه المناقصة لم تسر وفق القوانين المعمول بها في اليمن، والتي تشترط الحصول على الموافقات اللازمة من الهيئة الوطنية العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات، كما تم تجاهل الملاحظات والتحذيرات الصادرة عن بعض الجهات الحكومية، بما في ذلك رئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء السابق، اللذان أعربا عن قلقهما إزاء الخروقات القانونية التي تكتنف المناقصة.

المخالفات القانونية
تشمل المخالفات التي شابت هذه المناقصة ما يلي:
  • عدم الحصول على الموافقات اللازمة: يتطلب قانون المناقصات والمزايدات في اليمن حصول الحكومة على الموافقات اللازمة من الهيئة الوطنية العليا للرقابة على المناقصات، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة.
  • تجاوز الشفافية: تم تجاهل الإجراءات الضرورية لضمان شفافية المناقصة، حيث لم يتم الإعلان عن تفاصيل المشروع بشكل كافٍ، مما يفتح المجال للشكوك حول نوايا الحكومة.
  • الإهمال في الشروط الفنية: عبر الدكتور الحاج وزملاؤه، مثل الدكتور نصر صالح الحربي وكيل قطاع العلاقات الخارجية بوزارة المالية، والمهندسة وزيرة الشرماني وكيل قطاع المشاريع بوزارة التخطيط والتعاون الدولي، عن مخاوفهم من عدم استيفاء الكليات للشروط اللازمة، مما ينذر بفشل المشروع. وقد أرسلوا رسالة رسمية إلى الوزراء المعنيين في 3 سبتمبر 2023، يحذرون فيها من العواقب الوخيمة إذا استمرت المناقصة دون توفير المستلزمات الضرورية.


العقوبات والإجراءات التعسفية: استهداف الأكاديميين الشرفاء
في الوقت الذي تسعى فيه الجهات المعنية إلى تمكين التعليم العالي، يتعرض الدكتور عبدالله الحاج لسلسلة من الإجراءات الانتقامية التي تثير القلق. هذه الإجراءات تكشف عن عدم احترام القوانين والانتهاكات الممنهجة التي تهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة. ومن أبرز الإجراءات التعسفية التي تعرض لها:
  1. ترشيح بديل سري: في محاولة واضحة لعزله، قام وزير التعليم العالي بشكل سري بترشيح شخص آخر لشغل منصب الدكتور الحاج، وهو ما يتطلب صدور قرار جمهوري وفق القوانين المعمول بها. يعكس هذا الإجراء عدم احترام المعايير القانونية ويظهر نية الحكومة في تقويض استقلالية الجهاز التنفيذي.
  2. تعميم ضد التعامل معه: بتاريخ 7 سبتمبر 2023، أصدر نائب وزير التعليم الفني والمهني تعميماً يقضي بعدم التعامل مع الدكتور الحاج كرئيس للجهاز التنفيذي، مما يعتبر انتهاكًا لحقوقه القانونية والمهنية.
  3. مذكرة تغيير توقيعات: في خطوة تعسفية أخرى، وجه نائب الوزير مذكرة إلى وزير المالية بتاريخ 12 سبتمبر 2023، يطلب فيها تغيير نماذج التوقيع وإقصاء الدكتور الحاج من التوقيع على الشيكات. لكن وزير المالية رفض هذا الطلب استنادًا إلى القوانين السارية، مما يبرز تضارب المصالح داخل الحكومة.
  4. استمرار الضغوط: لم تتوقف الضغوط عند هذا الحد، ففي 4 سبتمبر 2024، تم توجيه مذكرة أخرى تطالب بتغيير نموذج التوقيع لإقصاء الدكتور الحاج، وهو ما يعتبر انتهاكًا للقوانين التي تحمي استقلالية الجهاز التنفيذي.
  5. إصدار مذكرة جديدة: بتاريخ 16 أكتوبر 2024، تم توجيه مذكرة جديدة لعمداء كليات المجتمع تحظر التعامل مع الدكتور الحاج، مما يعكس تفشي الفساد وضعف الالتزام بالقوانين في النظام التعليمي.

تداعيات الفساد على التعليم والمجتمع
إن الفساد في قطاع التعليم العالي لا يقتصر على تجاوز القوانين، بل يمتد ليؤثر سلبًا على جميع جوانب المجتمع. فالتعليم هو أساس التنمية، وأي انتهاك له يعني هدم المستقبل للأجيال القادمة.

يعاني الطلاب من نقص في الموارد التعليمية، مما يعوق قدرتهم على الوصول إلى تعليم جيد. كما أن الفساد يعزز من الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، حيث يستفيد المتنفذون من عمليات الفساد على حساب الآخرين.

يضاف إلى ذلك أن قضايا الفساد في التعليم تؤدي إلى انخفاض مستوى التحصيل العلمي، مما يجعل من الصعب على الخريجين المنافسة في سوق العمل. ومن هنا، فإن فشل الحكومة في مكافحة الفساد يمثل تهديدًا حقيقيًا لمستقبل البلاد، حيث لا يمكن للأجيال القادمة الاعتماد على نظام تعليمي فاسد وغير فعال.

دعوة إلى التحرك والمقاومة
إن قضية الدكتور عبدالله الحاج ليست مجرد قضية شخصية، بل هي تعبير عن معركة أكبر ضد الفساد المتفشي في النظام التعليمي، وإن مقاومة الفساد تتطلب شجاعة وتضامنًا من جميع فئات المجتمع، بما في ذلك الأكاديميين والنشطاء المدنيين. فالدفاع عن حقوق التعليم هو دفاع عن حقوق الأجيال القادمة.

يجب على المجتمع الأكاديمي والمدني أن يتحد في مواجهة هذه التحديات، وأن يدعو إلى الشفافية والمساءلة، ويجب أن تكون هناك استجابة سريعة من الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد ومنظمات المجتمع المدني لإعادة الأمل إلى الشباب اليمني، وتمكينهم من الحصول على تعليم عادل وشامل.

سيتم تناول تفاصيل المناقصة، مواقف الجهات الحكومية، وأيضًا موقف الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، لإلقاء الضوء على أهمية محاربة الفساد في كل القطاعات، وخاصة في التعليم العالي، الذي يعد أساس بناء مستقبل أفضل لليمن، إن الوقت قد حان لوقف هذه الممارسات الفاسدة واستعادة ثقة المجتمع في مؤسساته.


شاهد أيضًا

الزُبيدي يواسي رئيس المنطقة الحرة عدن في وفاة ابن أخيه ...

الجمعة/18/أكتوبر/2024 - 12:50 ص

بعث اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، برقية تعزية ومواساة إلى حسن أحمد الحيد رئيس الهيئة العا


الزُبيدي يقدم التعازي والمواساة لعائلة الدؤودي ...

الجمعة/18/أكتوبر/2024 - 12:39 ص

بعث القائد عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي برقية تعزية ومواساة إلى مدير عام مديرية المنصورة أحمد عل


حكومة بأوراق مزورة.. كيف أصبح "بن مبارك" نصابًا في عيون الشر ...

الجمعة/18/أكتوبر/2024 - 12:05 ص

في مشهد يعكس حالة الفوضى التي أصبحت السمة الأساسية لمؤسسات الشرعية اليمنية، كشفت وثائق حصلت عليها صحيفة "الأمناء" عن فضيحة نصب كبرى نفذتها ش


الفساد المستشري في التعليم العالي: كيف تحولت الوزارة إلى حلب ...

الخميس/17/أكتوبر/2024 - 10:00 م

في خضم الأزمات المستمرة التي تعصف باليمن، يتكشف يومًا بعد يوم عن مدى تفشي الفساد في مؤسسات الدولة، ولا سيما في قطاع التعليم العالي الذي يعتبر من أبرز