آخر تحديث :السبت - 08 فبراير 2025 - 12:13 ص

رسالة إلى إدارة ملف اليمن في المملكة العربية السعودية

السبت - 08 فبراير 2025 - الساعة 12:03 ص

صالح ابوعوذل
الكاتب: صالح ابوعوذل - ارشيف الكاتب


الأخوة الكرام في إدارة الملف اليمني
حياكم الله
ندرك تمامًا تعقيدات الملف اليمني منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وندرك أيضًا أن خطوة إزاحة إدارة الرئيس عبدربه منصور هادي واستبدالها بـ"مجلس القيادة الرئاسي" قد مُنيت بفشل ذريع. لم يكن هذا الفشل ناتجًا عن طبيعة تشكيل المجلس، التي بدت أشبه بـ"زواج الصالونات"، بل لأنه جاء في تعارض مباشر مع تطلعات شعبية راسخة تستند إلى قضية وطنية واضحة يعرف الجميع تفاصيلها.

لسنا بصدد الحديث عن الإخفاقات الحكومية، لكن ما يثير الاستغراب هو الإصرار على اتخاذ إجراءات غير أخلاقية وغير إنسانية تستهدف إضعاف المجلس الانتقالي الجنوبي. وهنا، لا ندافع عن "المجلس" كأشخاص، بل ككيان نشأ من رحم معاناة وانقسامات حادة، كان للتنافس الإقليمي، بين الرياض وطهران، دورٌ رئيسي في تفاقمها حتى اندلاع الحرب.

لقد أثبت الجنوب ولاءه لأرضه قبل أي تحالفات أخرى. فلم يكن من تصدوا للأذرع الإيرانية يفعلون ذلك انتصارًا للرياض على حساب طهران، بل كانوا مدفوعين بهدف أسمى :"الدفاع عن الجنوب، وطنًا وهويةً وتاريخًا".
لم يحمل هؤلاء السلاح نيابةً عن أحد، فليس من المنطقي أن يخوض المرء قتالًا شرسًا في مواجهة العدو وجهًا لوجه "بدافع المال السعودي"، فهذه فرضية مغلوطة تمامًا. بل كان القتال نابعًا من دافع وطني وإنساني، يعكس ارتباطهم العميق بقضيتهم العادلة واستعدادهم للتضحية في سبيلها.

لم أتصور قط أن يأتي اليوم الذي يقول السعوديون فيه "إنهم يصرفون أموالهم على الشعب اليمني"، في الوقت الذي يفترض أن يتساءل اليمنيون والجنوبيون معًا "لماذا الحرب؟"، ولماذا سُمح للحوثيين بإسقاط صنعاء والتوجه نحو الجنوب؟، في حين أن "عاصفة الحزم" كان يفترض أن تبدأ ليلة الـ20 من سبتمبر 2014م، أو حتى قبل ذلك فجر الـ7 من يوليو من العام نفسه.

والسؤال الأكثر جدلية اليوم: لماذا لم تستقر عدن، التي أصبحت تحت إدارة السعودية منذ الأول من نوفمبر 2019م، بعد انسحاب الإمارات الكامل من المدينة؟ نحن لا نلقي كل اللوم على السعودية -فلا يمكننا فعل ذلك- بل يقع جزء كبير منه على القوى المحلية في الجنوب التي لم تحسن التعامل فيما بينها، وانجرفت نحو "تصرفات عنترية وتناحر"، إلا أن هذه التصرفات انتهت. اليوم، يبقى السؤال مطروحًا: "ما الذي يريده السعوديون من الجنوب؟".

أعتقد أن الإجابة كفيلة بفهم القصة كاملة، والكثيرون يعرفونها، لكن لا ضرر من طرح السؤال مجددًا. فالكثير من قيادات وأعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي لا يرغبون في الحديث عن "هذه الرغبة".

لست عضوًا في المجلس الانتقالي الجنوبي، ولا أتحدث باسمه، ولكنني من أنصار فكرة المشروع والقضية الوطنية أولًا. لذا، يهمني إثارة تساؤلات جدية حول الأهداف الكامنة وراء خلق أزمات متتالية في الجنوب، في حين أن "يمن الحوثي لا يزال مستقرًا"، أو على الأقل بعيدًا عن هذه التدخلات. والأكثر من ذلك أن المناطق اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون تحصل على منح كثيرة من المشتقات النفطية وغيرها.

لست أطالب بمساواة الجنوب بما يُمنح للحوثيين في صنعاء، لكن تساؤلاتي تتمحور حول "لماذا كل هذه الأزمات؟"، وإذا كانت الحكومة فاشلة أو مجلس القيادة الرئاسي غير منسجم، فهذا يعني أن تجربة "مجلس الصالونات" قد فشلت، مما يستدعي إعادة التفكير في حلول جديدة.
تبدو لي الحقيقة واضحة هي أن الأزمات التي تُخلق منذ ما قبل تأسيس المجلس الانتقالي تستهدف إسقاط الجنوب كمشروع وطني. وحتى لو نجحت هذه المساعي في إسقاط المجلس الانتقالي، فما هي الرؤية لما بعد ذلك؟ خاصة وأن تجربة نصف قرن تؤكد أن اليمن لم يعرف الاستقرار منذ ما قبل الإطاحة بالنظام الملكي في صنعاء.

حتى لا يتجه الجزء المحرر نحو المجهول تحت وطأة "أوهام الاتفاق مع الحوثيين"، فإن الأمر يتطلب الإسراع في إعادة هيكلة مجلس القيادة الرئاسي، بحيث يتم تقليص أعضائه من ثمانية إلى خمسة، على أن تذهب رئاسته إلى عيدروس الزبيدي، وعضوية عبدالرحمن المحرمي، وفرج البحسني، وسلطان العرادة، وطارق صالح، وعندها يمكن أن تسقط كل الحسابات، وسيكون رئيس المجلس المسؤول عن كل شيء، بدلا من استخدام هذه الازمات لضرب طرف محلي لحساب أخر، نتيجة لرغبة إقليمية غير واضحة.
بخلاف ذلك، سيظل رئيس المجلس الحالي رشاد العليمي مشغولًا بملاحقة حقول النفط، فيما الشعب يموت جوعًا، وقد يتحول العليمي إلى "أمير النفط" الذي تحدث عنه الشاعر عبدالله البردوني في قصيدته، وقد يخرج الشعب حينها يهتف باسمه قائلًا: "نعم يا سيد الأذناب إنا خير أذنابك".




شاهد أيضًا

الخلايا النائمة.. وجه الإرهاب الخفي في الجنوب! ...

الجمعة/07/فبراير/2025 - 09:30 م

في ظل التدهور الاقتصادي الحاد الذي تعانيه المحافظات الجنوبية، ومعاناة المواطنين من انقطاع الخدمات وارتفاع الأسعار، برزت محاولات خبيثة لاستغلال هذه الأ


عدن في قبضة المؤامرة.. حرب اقتصادية تهدد الاستقرار وتفجر الغ ...

الجمعة/07/فبراير/2025 - 06:50 م

في تصعيد غير مسبوق، شهدت العاصمة عدن مؤخرًا موجة من الاحتجاجات التي تجاوزت حدود الغضب الشعبي العادي بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، لتتحول إلى تحركات م


لحج في الظلام.. احتجاجات تضيء طريق الغضب ضد انقطاع الكهرباء! ...

الجمعة/07/فبراير/2025 - 06:45 م

نفذ عشرات المحتجين الغاضبين في مدينة الحوطة بمحافظة لحج قطعًا للطريق الرئيسي بين عدن وتعز، احتجاجًا على الانقطاع الكلي للكهرباء في المحافظة. وأقدم الم


عدن في الظلام الاقتصادي: الريال اليمني يتناثر في الهواء، وال ...

الجمعة/07/فبراير/2025 - 06:20 م

تشهد العاصمة عدن، انهيارًا غير مسبوق في قيمة الريال اليمني، ما يضع المواطنين أمام تحديات اقتصادية كبيرة قد تفوق قدرتهم على التحمل. فبينما تتصاعد أسعار