آخر تحديث :الخميس - 19 ديسمبر 2024 - 05:55 م

القضاء كما لا يجب أن يكون! 4/1

الأربعاء - 07 فبراير 2024 - الساعة 02:31 ص

د. رواء عبدالله مجاهد
الكاتب: د. رواء عبدالله مجاهد - ارشيف الكاتب



توطئة :
دائمًا أفكر في صحة ما نُقل عبر التاريخ من وقائع و أحداث ، و هل ما تم تدوينه و نقله يمثل الواقع الفعلي ؟
أما أنه تم فرضه من قبل القوى التي كان لها الغلبة و المسيطرة آنذاك . باختصار فإن عبارة أن التاريخ يكتبه المنتصر ، يكتبه الأقوى ليبقى - بصرف النظر عن مدى عدالته أو صوابيته - خاطرة تُلح على فكري باستمرار فالتاريخ و مع الأسف ليس دائما حكم عادل .. هذا ما يقوله الواقع !
و من هذا المنطلق فإنني أخشى ما أخشاه أن يدون المنتصر في هذه الفترة الحالكة التي يمر بها الوطن ما يريده و يتوافق مع توجهاته ، أن تفرض و تدون المليشيات ما تراه في ظل وجود الكم الهائل من المهللين و المباركين و المنتفعين و طبالين الزفة ، اخشى ما أخشاه أن ينقل عبر التاريخ أن الأمن مستقر و القانون مطبق و القضاء يؤدي مهامه بكفاءة و اقتدار !!! أخشى ما أخشاه أن تُزيف الحقائق ، و يستمر تغييب الوعي الجمعي .
لذا .. ما سيتم تدوينه في هذا المقال وجهة نظر شخصية واقعية لحال القضاء اليمني خلال هذه الفترة الحرجة التي تمر بها بلادنا ، و ليكون ما سيتم تدوينه هنا غصن نابت معاكس لاتجاه الريح ، شاهد يقول غير ما تقوله القوى المسيطرة ، ضوء يختلف عن عتمة اضواءهم ، و تصفيق حاشيتهم المنتفعة .

هذا المقال مكون من أربعة أجزاء ، قابل للزيادة مستقبلاً ، للحديث عن وضع السلطة القضائية خلال هذه الفترة ، و ليكون ما يدون فيه و بقية مقالاتي السابقة يُكتب للتاريخ القضائي .

1 *- الواقع الواقع* !

لطالما تحدثُ مرارًا و تكرارًا عن وضعية القضاء اليمني المنتهك حتى مَلّ الحرف مني ، و تسربت الكلمات باحثة عن وضع جديد منزه ، و على أقل تقدير وضع يحفظ الحد الأدنى من الحقوق و الحريات سواء كانت للمواطن أو لمنتسبي السلطة القضائية ، و لكن.. لا أمل يلوح في الأفق!

سيطرت الجماعات السياسية المهيمنة في الشمال و الجنوب على مفاصل القضاء ، منهم من سيّد حكمه بالحديد والنار ، و منهم من منح استقلالية قضائية ديكورية للاستهلاك الإعلامي. و ما أؤكد عليه في هذا المقام ، بل و أؤكد عليه دائما أنني عندما أتحدث عن الاستقلال القضائي المنتهك ، فلا يقصد به مطلقا الاستقلال الذاتي للقاضي ( الفردي ) ، إذ يوجد الكثير و الكثير من القضاة المستقلين الأكفاء الذين لم ينجروا وراء هوة اللا استقلالية السحيقة و لم يغريهم لمعان التبعية السياسية ، إنما حديثي ينصب عن انعدام الاستقلال القضائي المؤسسي ( في المؤسسة القضائية) .

و طالما و أن المؤسسة القضائية تسبح بحمد الجماعات السياسية ، لذلك صارت المنهجية القضائية السائدة تخدم مصلحة أربابها ، و تدمر كل بناء تم تشييده ، و تقتلع كل اخضرار يمكن الاتكاء عليه .. فهكذا هو نهج المليشيات التي عكسته القيادات القضائية على المؤسسة القضائية .

تنافست القيادات القضائية هنا وهناك للإجتماع و اللقاء بالأطراف السياسية المسيطرة لإعلان الولاء لهم ، و البراء من كل أبجديات نصوص القانون و الدستور ، باحثين عن ترسيخ لمناصبهم ، متناسين معنى القضاء المستقل ، و وجوبية بُعده و تبعيته عن التجيير السياسي.

تم العبث و بشكل فج بمدخلات المعهد العالي للقضاء و الذي يشكل بذرة القضاء التي إذا صلحت صلح القضاء ، و إذا فسدت هدمت المعبد على رؤوس منتسبي السلطة القضائية و المواطن . فأنتهج منهج سلالي اقصائي للقبول شمالاً ، وصل لإقصاء كثير من المستحقين فضلا عن عدم قبول النساء في المعهد بناء على اعذار واهية ، هادمين كل المبادئ القانونية و الدستورية التي تقرر ، حقوق المواطنة المتساوية و حقوق المرأة ، لتأتي لاحقاً أصوات حاشيتهم الناعقة لتقول بأنه لم يتم إقصاء أحد و من تم استبعادهم لم يستوفوا الشروط المطلوبة حتى انه لم يتم قبول ابن رئيس المحكمة العليا ، و ابن المحامي العام الأول و بالنسبة للنساء فليس الغرض من عدم قبولهم هو الإقصاء و إنما هناك اكتفاء بعدد النساء اللواتي يعملن في الميدان حالياً ! .

و الواقع ان ابن رئيس المحكمة العليا و ابن المحامي العام الأول سبب استبعادهم الحقيقي أنهم لا ينتسبون لآل بيتهم ، و إلا كان حالهم حال ابن رئيس مجلس القضاء الأعلى هناك و غيره من القيادات القضائية المنتسبون لذات السلالة و الذين تم الامتناع عن تنفيذ حكم قضائي صادر عن المحكمة الإدارية في أمانة العاصمة بعدم استحقاقهم القبول في المعهد العالي للقضاء لمخالفة الشروط القانونية ، أما عدم قبول النساء فراجع لايدلوجيتهم الأزلية المبنية على العداء للنساء .

أما جنوباً فانتهج منهج مناطقي عنصري نفعي وصل لحرمان عدد من أبناء محافظتي سقطرى و المهرة المغلوبين و التي خفضت نسبة القبول إلى جيد بدلا عن جيد جداً بناء على قرار مجلس القضاء الأعلى لاستيعابهم، و الذين مالبثوا إلا أن يصطدموا بصخرة الواقع و يكتشفوا أن تخفيض نسبة القبول لم يكن لمصلحتهم كما تم الادعاء ، إنما كان لمصلحة محافظات أخرى معينة و أشخاص آخرين ! هذا فضلا عن الامتناع عن قبول الكثير من ابناء شمال الوطن ، و وصل المنهج المناطقي العنصري إلى الامتناع عن تنفيذ احكام قضائية صادرة عن المحكمة الادارية في عدن تقضي بقبولهم !

مُنحت المناصب في الغالب الأعم لغير مستحقيها ، و كانت المعايير الأساسية لمنحها الميل السياسي و الولاء و الواسطة ، و تراجعت كل المعايير الموضوعية من كفاءة و خبرة و نزاهة في منحها .

تم العبث بموازنة السلطة القضائية و لا نعلم أين تذهب ؟
الموازنة التي كانت تغطي 22 محافظة بشمالها و جنوبها و شرقها و غربها لم تعد تكفي بعضًا منها !! و حرم منتسبي السلطة القضائية من أبسط حقوقهم .

أُتخذ من المحاكمات السياسية أساس لتنمية رأس المال السياسي لاسيادهم ، و لكسب نقاط أمام المجتمع الدولي ، و لم تكن تلك المحاكمات التي تمت تنشد عدالة أو تحقق الاقتصاص العادل ، بل و لم يتم تنفيذ أحكامها.

مُنحت الدرجات القضائية بالمخالفة للقانون ، كما منحت وظائف بعدد مهول لم يُراعى في منحها مطلقاً مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين في تولي الوظيفة العامة ، و كان الأساس لمنحها هو القُربة و شراء الولاءات .

كل السلبيات السابقة و غيرها تحدث عنها و بشكل تفصيلي في مقالاتي السابقة أو تصريحاتي عبر المواقع الإخبارية او في المكالمات الهاتفية و اللقاءات التلفزيونية . فما يحدث شمالاً يحدث جنوباً ، و ما يتم العبث به هناك يتم العبث به هنا و إن تعددت الأسباب و الوسائل ، و لكن النتيجة واحدة و هي القضاء على القضاء .

في مواجهة كل ما تقدم يسود في الوسط القضائي الصمت ، في الشمال لا اعتراض ، لا مناهضة ، لا ، لا ، لا ، فلا يوجد حراك قضائي فعلي ، حتى لو ظهر صوت فردي يتم قمعه أو تهميشه ،
بل يصل الأمر إلى اقتحام بيته و ترويع أسرته و اقتياده إلى جهة مجهولة من ثم تلفيق التهم الباطلة إليه ، و لا حول ولا قوة إلا بالله.

أما في الجنوب فيسود الصمت أيضاً عن جميع الاخفاقات خلا أن مجلس القضاء خالف سياسة القمعية المنتهجة شمالاً ، و أتبع منهج متفرد قائم على إسكات الأصوات المعارضة بالمناصب و المكافاءت ، فانشئت لجان و استحدثت دوائر جديدة و يتم تعيين هذه الأصوات فيها ليتمتعوا بالمكافاءات و النتريات و السفرات الخارجية ، حتى أن البعض مع الاسف يسلك مسلك ابتزازي للمجلس سواء من القضاة أو الإداريين ، فنجده فجأة خارجاً شاهراً سيفه مدافعاً عن الحقوق مطالباً بتطبيق القانون ، لكنه لا يلبث إلا أن يغمد سيفه بعد أن تتم مراضاته بشكل أو بآخر من المجلس ، الأمر الذي دفع بالبعض أن يستمرأ عملية الابتزاز بعد أن أدرك سر التعويذة .
ضف إلى ذلك أن المجلس عمل على استحداث ظاهرة جديدة و هي تحويل أعضاء النيابة إلى قضاة حكم ، و هذا يرجع إلى سيطرة أعضاء النيابة على قيادة السلطة القضائية ، هادفين من ذلك أمرين :

الأول :السيطرة على القضاء ( الحكم ) ، حيث أن سيطرتهم و هيمنتهم شبه الكاملة على النيابة ، و يريدون تجيير قضاء الحكم لاتجاههم ، لا سيما بعد رحيل القاضي فهيم عبدالله محسن رحمه الله ، و الذي كان وجوده يشكل رمانة الميزان في حفظ قضاء الحكم لكينونته و خواصه المتفردة عن النيابة العامة ، و الذي تضافرت جهود الكثير من القيادات القضائية لاقصاءه ، بل و امتنعت حتى عن حضور جنازته !!!!!!، بالرغم من تواجد الجميع في عدن آنداك ، و لم يحضرها إلا رئيس مجلس القضاء و رئيس المحكمة العليا .
الثاني : وجود عقدة النقص لدى ( البعض ) من أعضاء النيابة بأنهم ليسوا قضاة ، و الدخول في الجدل البيزنطي الذي يدور دائماً حول هذا الموضوع ، و الذي لا أفضّل إطلاقاً الاشتراك به .

ماذا أستجد ؟؟
في ظل ركود الحراك القضائي الفعّال شمالاً ، و نكوص القضاة جنوباً ، ظهرت نقابة الإداريين في الجنوب و أعلنت ابتداء الاضراب الشامل باحثة عن الحقوق الضائعة و المنهوبة .

و للحديث أكيد بقية ..




شاهد أيضًا

مأساة إنسانية في كريتر.. رجل يصارع الألم بانتظار يد العون! ...

الخميس/19/ديسمبر/2024 - 12:18 م

تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لرجل يبدو أنه يعاني من حالة صحية حرجة وهو متواجد منذ فترة طويلة في منطقة "جولة الفل" بمدينة كريتر، عدن.


خلود باشراحيل: هل يُكشف السبب قريبًا؟ ...

الأربعاء/18/ديسمبر/2024 - 07:53 ص

أعلن يحيى بن الشيخ علي، زوج المودل اليمنية خلود خالد باشراحيل، خبر انفصاله عنها بشكل رسمي. وكتب الشيخ عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك":"أعلن طلاقي من خل


فضيحة أخلاقية أم مؤامرة؟ استهداف "مياسة شرف" بعد دفاعها عن م ...

الأربعاء/18/ديسمبر/2024 - 06:35 ص

أعلنت جهات صحفية وحقوقية تضامنها الكامل مع الناشطة الحقوقية مياسة شرف فارع، التي تواجه حملة تشويه إلكترونية شرسة منذ عدة أشهر، بعد دفاعها عن قضايا حقو


مغامرة خطيرة تنتهي باعتقال متهم بالابتزاز في المنصورة! ...

الخميس/12/ديسمبر/2024 - 12:20 ص

ألقت وحدة مكافحة الابتزاز الإلكتروني التابعة لإدارة البحث الجنائي في محافظة عدن، القبض على المدعو (ع.ع.ع.م.أ)، البالغ من العمر 38 عامًا، المتهم في قضا