في مقال لرئيس مركز البحوث وصناعة القرار بالمجلس الانتقالي الجنوبي، لطفي شطارة، بعنوان "اتركوا جلد الذات يا أبناء الجنوب"، وجه الكاتب رسالة قوية وواضحة لأبناء الجنوب اليمني، يحثهم فيها على نبذ التفرقة والتركيز على الهدف المشترك: استعادة دولة الجنوب.
السياق السياسي بين الشمال والجنوب
تأتي دعوة شطارة في ظل تصاعد الجدل حول الوحدة اليمنية وتباين مواقف النخب السياسية في كل من الشمال والجنوب، يعبر الكاتب عن استغرابه من قبول أبناء الجنوب لخطابات قادمة من الشمال، تروج لفكرة أن الجنوبيين ممزقون وغير قادرين على التوحد. ويعتبر شطارة أن هذه الأفكار تهدف إلى تقويض المشروع الجنوبي وإثارة الشكوك حوله.
في المقابل، يرى شطارة أن التمزق الحقيقي هو في الشمال، حيث تعاني البلاد من انقسامات سياسية ومناطقية ومذهبية، بالإضافة إلى صراعات مسلحة مستمرة أودت بحياة الآلاف على مر العقود، يشير الكاتب إلى أن التركيبة السياسية في الشمال وصلت إلى حد الاستحالة في التوحد حول مشروع بناء دولة حديثة، مستشهداً بالحروب المتعددة، مثل حروب صعدة وحروب المناطق الوسطى، بالإضافة إلى الصراع المستمر حتى اليوم تحت ذرائع متعددة.
جنوب موحد أمام هدف استعادة الدولة
على الجانب الآخر، يرى شطارة أن الجنوب يعيش حالة من التوافق السياسي غير المسبوقة حول هدف واحد: استعادة الدولة الجنوبية. ورغم وجود بعض التباينات في وجهات النظر حول كيفية تحقيق هذا الهدف، يؤكد الكاتب أن الجنوبيين موحدون أكثر من أي وقت مضى حول قضية استعادة دولتهم، مشيراً إلى أن هذه الوحدة تثير قلق الأطراف الشمالية التي تعمل بذكاء على تأجيج الخلافات.
يشدد شطارة على أن التباينات بين أبناء الجنوب ليست حول الهدف الأساسي، بل حول الوسائل للوصول إليه، ويرى أن هذه التباينات لا يجب أن تعوق المشروع الجنوبي، بل ينبغي التعامل معها بتنازل من جميع الأطراف للوصول إلى الهدف في أسرع وقت ممكن.
دعوة للتنازل والتضحية من أجل الهدف المشترك
في مقالته، يناشد شطارة أبناء الجنوب بالتوقف عن "جلد الذات" والتنازل لبعضهم البعض من أجل تحقيق الهدف المشترك، الذي أصبح اليوم أقرب من أي وقت مضى، ويؤكد الكاتب أن الجنوب ليس كما كان في السابق، فالكل الآن يتوق لعودة الدولة الجنوبية وبنائها على أسس جديدة، مستفيدين من الأخطاء التي ارتكبت في مراحل سابقة، سواء في فترة ما بعد الاستقلال عن بريطانيا أو ما بعد الوحدة اليمنية.
يعتبر شطارة أن هذه اللحظة التي يعيشها الجنوب تاريخية ولن تتكرر، داعياً أبناء الجنوب إلى الاستفادة من الفرصة المتاحة وعدم السماح لمن يسعى إلى تكريس فكرة "التمزق الجنوبي" بأن ينجح، وفي المقابل، يرى أن الشمال نفسه يعيش أوج حالات التمزق، ويحتاج إلى عشرات السنين للوصول إلى توافق سياسي، ثم إلى سنوات أخرى لبناء دولة يتفق عليها الجميع.
هل سيفيق الجنوبيون؟
في ختام مقاله، يطرح شطارة تساؤلاً هاماً: "هل أنتم واعون؟" وهو تساؤل يحمل في طياته دعوة صريحة لأبناء الجنوب إلى إدراك حقيقة الوضع القائم والعمل سريعاً نحو تحقيق هدفهم المشترك. فالمشروع الجنوبي، وفق رؤية شطارة، ليس مجرد حلم، بل هو واقع يقترب من التحقق مع توحيد الصفوف والتنازل عن المصالح الضيقة.
إن هذه الدعوة الموجهة لأبناء الجنوب تعكس قناعة شطارة بأن الوقت حان لتجاوز الخلافات الداخلية والتركيز على ما هو أهم، وهو استعادة دولة الجنوب وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.