في مقاله بعنوان "لا مساومة على هدف استعادة الجنوب على حدود 1990"، يثير الكاتب سالم صالح بن هارون قضية شائكة ومعقدة تخص إرادة شعب الجنوب اليمني في استعادة دولتهم على حدود ما قبل يوم 22 مايو 1990، تاريخ الوحدة اليمنية بين الجنوب والشمال.
المقال يقدم رسالة واضحة وحازمة تعبر عن موقف وطني ثابت، مفاده أن هذا الهدف الوطني لا يقبل المساومة أو التراجع مهما كانت التضحيات أو الخسائر.
الجنوب.. قضية وطنية لا تقبل المساومة
في مستهل مقاله، يبدأ سالم صالح بن هارون بالتأكيد على أن هدف استعادة الجنوب على حدود ما قبل الوحدة اليمنية في عام 1990 هو مطلب شعبي أصيل يعكس إرادة الجنوبيين، ويجب على كل جنوبي وطني أن يدافع عن هذا الهدف بلا تردد أو تهاون.
ويشدد بن هارون على ضرورة التصدي لكل من يقف في وجه تحقيق هذا الحلم الجنوبي، مؤكداً أن الأمر يتجاوز الانتماءات الشخصية أو المناطقية.
ويقول الكاتب بلهجة قوية: "لن نساوم أبداً على هدف استعادة الجنوب مهما كلفنا ذلك من تضحيات وخسائر"، هذه الجملة تشكل العمود الفقري للمقال، حيث تلخص الروح القتالية والإصرار الذي يحمله الجنوبيون في دفاعهم عن حقوقهم الوطنية.
لا مكان للعصبية المناطقية
أحد أبرز نقاط القوة في مقال سالم صالح بن هارون هو موقفه الرافض للعصبية المناطقية أو القبلية في التعاطي مع القضية الجنوبية، فهو يؤكد أن الانتقاد الموجه لبعض الشخصيات الجنوبية البارزة ليس بسبب انتماءاتهم المناطقية، بل بسبب مواقفهم التي يرى أنها تعرقل تحقيق إرادة شعب الجنوب.
ويشير بن هارون إلى الدكتور ياسين سعيد نعمان والرئيس الأسبق علي ناصر محمد، وهما شخصيتان جنوبيتان بارزتان، ويؤكد أن الانتقادات الموجهة إليهما ليست بسبب أصولهم أو خلفياتهم، بل بسبب مواقفهما التي يعتقد أنها لا تتماشى مع تطلعات الشعب الجنوبي في استعادة دولتهم.
كما يشير الكاتب إلى أن النقد أو المعارضة يمكن أن تطال أي شخص يقف في وجه الإرادة الشعبية، بغض النظر عن خلفيته السياسية أو الاجتماعية.
عيدروس الزُبيدي.. هل يقف مع إرادة الشعب؟
واحدة من النقاط المثيرة التي أشار إليها المقال هي موقف الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي.
في سياق الحديث عن الإرادة الشعبية الجنوبية، يشدد بن هارون على أنه في حال وقف أي شخص، بما في ذلك الزبيدي نفسه، ضد تحقيق هذا الهدف الوطني، فإنه لن يتردد في انتقاده، يقول: "عندما يقف الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي ضد تحقيق إرادة شعب الجنوب سوف نكتب ضده".
الثبات على المبادئ.. مهما كانت التضحيات
في الجزء الأخير من المقال، يعود بن هارون للتأكيد على ضرورة الاستمرار في النضال، مهما كانت التحديات، من أجل استعادة الجنوب على حدود ما قبل الوحدة، ويؤكد أن هذا الموقف الوطني لا يقبل المساومة أو التراجع، مهما كانت الضغوط أو المغريات.
الرسالة الأساسية التي ينقلها الكاتب هي أن الإرادة الشعبية الجنوبية يجب أن تكون فوق كل اعتبار، وأن كل من يعارضها يجب أن يتم مواجهته، سواء كان من داخل الجنوب أو خارجه، وهذا يعكس التزاماً غير قابل للتفاوض تجاه هذا الهدف المصيري.
تحليل الموقف
يعكس مقال سالم صالح بن هارون حالة من الغضب والرفض المستمر للتسويات السياسية التي لا تخدم الهدف الأساسي المتمثل في استعادة دولة الجنوب.
يتحدث المقال بلسان قطاع واسع من الجنوبيين الذين يشعرون أن الوحدة اليمنية قد فشلت في تحقيق العدالة والتنمية المتساوية بين الشمال والجنوب، ويرون في استعادة الدولة الجنوبية حلاً للأزمة المستمرة.
كما أن المقال يبرز تحدياً داخلياً، حيث لا يقتصر الصراع على مواجهة القوى الشمالية فقط، بل يمتد إلى الداخل الجنوبي، حيث تتباين الآراء والمواقف بشأن كيفية تحقيق هذا الهدف، ويعبر الكاتب عن رفضه لأي نوع من المواقف المرنة أو الوسطية التي قد تعرقل هذا المسار.
أهمية المقال في السياق الجنوبي
يأتي مقال سالم صالح بن هارون في وقت حساس يشهد فيه الجنوب اليمني تطورات سياسية هامة، خصوصاً مع تصاعد الدور السياسي والعسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي، في ظل هذه الظروف، يسعى بن هارون إلى إيصال رسالة واضحة بأن إرادة الشعب الجنوبي لا تقبل المساومة، حتى مع الحلفاء أو القيادات الجنوبية إذا ما تعارضت مواقفهم مع هذا الهدف.
ويعكس مقال "لا مساومة على هدف استعادة الجنوب على حدود 1990" صوتاً قوياً من الأصوات التي تطالب بتحقيق العدالة التاريخية للجنوب، ويرفض الحلول الوسطى أو التنازلات. هو دعوة للاستمرار في النضال حتى استعادة دولة الجنوب، وهو ما يراه الكاتب مطلباً لا يمكن التراجع عنه مهما كانت التحديات.