آخر تحديث :الأربعاء - 12 فبراير 2025 - 12:08 م

أوراق في الذكرى العَشريّة للعاصفة

الأربعاء - 12 فبراير 2025 - الساعة 07:59 ص

أحمد عبداللاه
الكاتب: أحمد عبداللاه - ارشيف الكاتب



السعودية، "قائدة التحالف"، دولة محورية بقدرات اقتصادية وسياسية كبيرة ودور جيوسياسي يتصاعد على خلفية المتغيرات الإقليمية الأخيرة، ولديها إمكانية أن تنجز أكثر مما فعلت. لكنها ليست مكلّفة بتحقيق أماني أحد، وكل ما تفعله هو لذاتها أولًا وأخيرًا، ولا أحد يستطيع أن ينكر عليها ذلك.

إنجازها في الملف اليمني يقاس من خلال نتائجه، ولديك عزيزي المحايد مساحة كافية للمراجعة. لكن عليك أن تتوقف أولًا عند استضافتها التاريخية للقيادات العليا لعقد من الزمان. وهي جزء من الحبكة الغامضة في تراجيديا العاصفة. خاصة حين يصبح الحديث عن حكام لم يحققوا سوى مزيد من الأزمات والإخفاقات لبلادهم مقابل فائض كبير من الثروات لأنفسهم. كانت مناطق حكمهم محررة ثم أصبحت في آخر المطاف محاصرة بصواريخ وطائرات من تحررت منه.

دعك عزيزي القارئ من خطاب المسؤولين "الشرعيين" بكل أشكالهم، ومن (واقعيتهم) التي تتحدد وفق الأبعاد الفراغية للكراسي، ودعك من أولئك المقيدين في قائمة اللجنة الخاصة ومن إنجازات البرنامج السعودي ومن أحاديث السفير الحاكم بأمر مولاه، ودعك من الإعلام الحزبي و صحف التابلويد. دعك من كل ذلك وأحسبها بالبلدي الفصيح كيفما شئت منذ بدء العاصفة وحتى ذكراها العاشرة (وكأنها بعد الألف). كم مدن يلفها البؤس والجوع والظلام وكم من البشر صاروا انقاضًا؟! لماذا يحاصرك من تحررت منه دون أن ينقذك أحد من الداخل أو الخارج؟! ولماذا يراد للسلام أن يحقق خروجًا آمنًا للمملكة دون أن يحقق دخولًا آمنًا للأطراف المحلية؟! ثم عِد على أصابعك ما تبقى من خطوات نحو مصائر مجهولة!

هناك إخفاق كارثي في إرساء قواعد حكم تشاركي يلبي حاجة المناطق المحررة وهناك فشل في تفكيك كونسورتيوم اللوبيات والمافيات واللوردات المهيمنة على مفاصل السلطة والموارد وهناك نموذج من رؤساء الحكومات يعيش حالة (الهتّيفة) في المظاهرات، بشعارات وخطابات لم تعد تنفع حتى علفًا للأغنام. فمن أي (داهية) يأتون بهم؟

الشرعية تمد يدًا للسلام كيفما يأتي به الخارج وتضع يدًا أخرى على الزناد كيفما يطلب منها الخارج. ذلك الخارج الذي لم ينقذ شعبًا من الجوع ولم يؤمنه من الخوف ولم يفك عنه الحصار. أتدرون لماذا؟ لأن أحدًا في العالم لا يضع وزنًا لأطراف الشرعية التي أهلكت ديناميكية الحكم وقواعده وأعرافه وأفرغت ما تبقى من محتوى الدولة في جوفها، وأوصلت هذا الشعب إلى درجة من الهوان، فهانت قبله في وجه العالم حتى غدت كيانًا هزيلًا، بإمكان سفير دولة راعية أن يغيره ويستبدله كما يستبدل الشماغ الصحراوي.

"القيادة الشرعية" بصيغتها الحالية لم تضِفْ إلى مَن سبقها مقدار (كيلَ بعير) بل أصبحت غير قابلة للحياة، لا تقدم شيئًا سوى مراكمة الأزمات.

وإذا طال أمد الوضع الحالي دون تغيير سوف يقود تدريجيًّا إلى مزيد من انفلات "البلد المحرر". وحينها لا تنفع التشكيلات العسكرية والأمنية. فماذا أنتم فاعلون إذن، إخوتنا الشماليون وإخوتنا الجنوبيون في السلطة الشرعية؟

الشمال يحكمه "أنصار الله" ولديهم قوة تمكنهم من إحكام السيطرة وفرض الاستقرار بطريقتهم. والجنوب تحكمه توليفة (متضادة) فيما بينها وفيه جيوش (متنوعة) ومحافظات تشق طريقها نحو الإدارة الذاتية بمفاهيم بدائية تحت تأثير الأحزاب وضعف المركز.

السعودية من جانبها تريد سلامها الخاص وليست على عجلة من أمرها. وكذلك أنصار الله يريدون سلامهم الخاص أو حربهم الخاصة، وليسوا مستعجلين.

وبينهما الشرعية تنتظر ما ينتهي إليه الطرفان.

ماذا عن المجلس الانتقالي، والبلد تتقاذفه موجات عاتية وأمامه خيارات وجودية؟ أهم ما يقال هنا أن الروح الجنوبية ما تزال حيّة، لكن مزاج الشعب لم يعد كما كان عام 2017 م، وهناك حاجة إلى تصحيح وإلى مراجعات قاسية.




شاهد أيضًا

الريال اليمني.. سقوط متسارع واقتصاد يترنح على حافة الانهيار! ...

الأربعاء/12/فبراير/2025 - 09:00 ص

يواصل الريال اليمني مسلسل الانهيار، مسجلًا اليوم الأربعاء 12 فبراير 2025 هبوطًا جديدًا أمام العملات الأجنبية، في مشهد يعكس تفاقم الأزمة الاقتصادية وان


الإرهابي أمجد خالد.. رحلة هروب مجانية من سجون الدولة! ...

الأربعاء/12/فبراير/2025 - 01:15 ص

كشف مصدر عسكري في محور طور الباحة بمحافظة لحج عن قيام قوة عسكرية تابعة للواء الرابع مشاة جبلي، الذي يقوده اللواء أبو بكر الجبولي، بتهريب أمجد خالد، ال


اعتقال أمجد خالد.. مسرحية أمنية أم حقيقة عابرة؟ ...

الأربعاء/12/فبراير/2025 - 12:13 ص

في مشهد متكرر يثير التساؤلات، لم يكد يُعلن عن القبض على الإرهابي أمجد خالد في طور الباحة، حتى طفت على السطح أنباء عن تهريبه مجددًا، في خطوة تكشف مدى ه


الريال اليمني.. سقوط بلا قاع وانهيار بلا نهاية! ...

الثلاثاء/11/فبراير/2025 - 09:00 ص

يواصل الريال اليمني تحطيم الأرقام القياسية، ولكن للأسف في الاتجاه الخاطئ، إذ سجل صباح اليوم الثلاثاء 11 فبراير 2025 انهيارًا جديدًا أمام العملات الأجن