آخر تحديث :الإثنين - 28 أكتوبر 2024 - 05:01 ص

الحزب الاشتراكي اليمني.. التحديات والآمال في عصر التحولات السياسية

الإثنين - 28 أكتوبر 2024 - الساعة 03:25 ص

حافظ الشجيفي
الكاتب: حافظ الشجيفي - ارشيف الكاتب



يعتبر الحزب الاشتراكي اليمني واحدًا من القوى السياسية الرائدة التي لعبت دورًا بارزًا في تاريخ الجنوب العربي منذ تأسيسه في النصف الثاني من القرن الماضي، حيث تأسس الحزب في عام 1978 كرد فعل طبيعي على القضايا الوطنية والقومية التي كانت تشغل المجتمع في ذلك الوقت، وسارع بخطوات جادة نحو تشكيل هوية سياسية واجتماعية تواكب تطلعات الشعب الجنوبي نحو الحرية والعدالة الاجتماعية، فقد جاء الحزب كاستجابة للمطالب الشعبية، ليكون صوت من لا صوت لهم، وليجسد آمال الأجيال في بناء مجتمع ديمقراطي يحقق الفهم الصحيح لحقائق المجتمع الجنوب.

تاريخ الحزب حافل بالإنجازات الوطنية حيث لعب دورًا محوريًا في ثورة 14 أكتوبر 1963 ضد الاستعمار البريطاني التي ساهمت في إحداث تغييرات كبيرة في بنية المجتمع، مما أفرز قيادة ثورية تسعى لتحقيق الاستقلال والتحرر، واستند الحزب على المبادئ الاشتراكية، التي كان من ضمن شعاراتها "تحرير الإنسان" و "تحقيق العدالة الاجتماعية"، ما أكسبه دعم فئات واسعة من الشعب، خصوصًا الفئات المهمشة والعمال والمزارعين.

ومع بداية التسعينيات كان تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990 أحد الأهداف الاستراتيجية للحزب، الذي سعى من خلال شعاراته ورسائله السياسية إلى تأكيد أهمية هذه الوحدة كظاهرة تاريخية تُعزز من مكانة اليمن على الصعيدين الإقليمي والدولي، وقد أُعلِن عن الوحدة بعد سنوات طويلة من التفاوض، وكانت آمال الجنوبيين عريضة في تنفيذ مشروع فكري وسياسي يضمن لهم حق المشاركة الفعلية، لكن مع الأسف جاءت عثرات تلك الوحدة لتكشف عن مشاكل عميقة تعود إلى اختلالات في التوازن السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين الشمال والجنوب.

ومع تحولات الواقع السياسي بعد الوحدة بدأ الحزب الاشتراكي يعاني من مضايقات وضغوط رسمية كبيرة، وتعرض قادته وأعضاؤه وأنصاره لموجات من التنكيل والملاحقة، فضلا عن مصادرة مقراته وأمواله، سعيًا لتقويض دوره ونشاطه الفاعل في الساحة السياسية. هذا التنكيل أربك الحزب، لكنه لم يجعله يقف مكتوف اليدين، بل استمر في المقاومة والنضال، مستمدًا قوته من رغبة الشعب في تعزيز الحقوق والمكتسبات، ورغم الانتقادات التي وُجهت إليه من بعض القوى الجنوبية، يعود ذلك إلى اختلاط الأمور، إلا أن الحزب كان يعتبر التجسيد الوحيد لنضال شعبي لم ينطفئ رغم التقلبات العديدة التي عاشها منذ فترة الوحدة.

إن غياب الحضور الفاعل للحزب الاشتراكي لم يُنسَ دورَه التاريخي في نشوء ملامح الهوية الجنوبية، فلقد ظلت مبادئه قوية في قلوب الكثيرين، ورغم التهميش الذي يعيشه الحزب في الآونة الأخيرة، يبقى مرشحًا للعب دور بارز في الجنوب، خاصة مع الوعي المتزايد للجنوبين بأهمية تجسيد صوتهم في المعادلة السياسية.

اليوم يُعَدّ الحزب الاشتراكي اليمني عنصرًا محوريًا من عناصر التغيير نحو مستقبلٍ يحق فيه للجنوب أن يكون له شأناً بارزاً، لا سيما في ظل التصاعد المستمر للقضية الجنوبية.
إن عدم الاستفادة من الإرث التاريخي والنضالي للحزب، من شأنه أن يعيق التقدم نحو تحقيق العدالة والحرية المستدامة.

تبقى كثير من آمال الشعب الجنوبي معلقة إلي جانب المجلس الانتقالي الجنوبي على عودة الحزب كلاعب حيوي، فالجميع يتطلع إلى مواقف تنحاز للجنوب وقضيته بعد أن وصلت إلى هذه المستويات من التقدم والتغيرات الإيجابية التي تشهدها الساحة.

إن الحزب الاشتراكي، رغم كل التحديات، يُعَدّ أحد المكونات الأساسية التي يمكن أن تساهم في بناء مستقبل أفضل للجنوب تحت مظلة الوحدة والتعاون بين مختلف القوى الوطنية الجنوبية.




شاهد أيضًا

الكشف عن اختراقات تجسس تستهدف ترامب وهاريس ...

الإثنين/28/أكتوبر/2024 - 05:00 ص

تحقق وزارة الأمن الداخلي الأمريكي في تجسس إلكتروني صيني استهدف سياسيين أمريكيين كبارً، وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال. وأوضحت الصحيفة أن الاختراق استهد


إلى أين نحن ذاهبون؟ ترامب يهاجم بايدن وهاريس ويثير الجدل في ...

الإثنين/28/أكتوبر/2024 - 04:30 ص

قال المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، إن كامالا هاريس دمرت بلادنا وغير كفؤة. وأضاف ترامب خلال تجمع انتخابي في نيويورك أن أمريكا تحولت إ


عندما تُغرق الحلول المؤقتة أحياء كاملة.. أزمة مشروع تصريف ال ...

الإثنين/28/أكتوبر/2024 - 03:40 ص

أفاد ناشطون بأن السلطات المحلية اتهمت "مجهولين" بتخريب مشروع تصريف المياه في منطقة المرسابة، ما تسبب في غرق الشارع وتسرب المياه إلى منازل المواطنين. و


كواليس عصابة وداد.. نكش أسرار خفية وراء حسابات وهمية! ...

الإثنين/28/أكتوبر/2024 - 03:10 ص

كشف الناشط المجتمعي أبوعاصم تفاصيل جديدة تتعلق بعصابة تُعرف باسم "وداد"، موضحًا تجربته الشخصية مع أحد أفرادها المدعو أبوجنات. وقال أبوعاصم: "تعرفت على