في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجهها محافظة حضرموت، يتزايد الحديث في الأوساط السياسية والمجتمعية حول أهمية استمرار دور قوات النخبة الحضرمية كحائط صد في وجه الانفلات الأمني والتدخلات المشبوهة التي تهدد استقرار المحافظة والمنطقة الجنوبية بشكل عام.
هذه القوات، التي تشكلت في سياق معقد وتحت ظروف أمنية حرجة، أثبتت جدارتها في التعامل مع التهديدات الأمنية، وتمكنت من تفكيك خلايا متطرفة، وفرضت وجود الدولة وهيبتها في مناطق عدة من ساحل حضرموت، ويعد حضورها اليوم بمثابة عامل توازن في مشهد سياسي وأمني مضطرب.
الرهان الجنوبي على النخبة الحضرمية
يرى مراقبون أن أبناء الجنوب، وخصوصًا في حضرموت، ينظرون إلى قوات النخبة الحضرمية بوصفها إحدى أهم ركائز الأمن والاستقرار، ولا يترددون في التأكيد على ضرورة تعزيز وجودها، بل وتمكينها من استلام الملف الأمني بالكامل، لا سيما في مناطق وادي حضرموت والصحراء، التي تُتهم جماعات ذات طابع سياسي وديني متشدد بالعبث بها.
وتعكس المطالب الشعبية في الجنوب، ليس فقط تأييدًا مطلقًا للنخبة، بل أيضًا رفضًا صريحًا لأي محاولات للالتفاف على دورها أو استبدالها بقوى لا تنتمي للمكان أو لا تحظى بالقبول الشعبي.
استهداف النخبة = استهداف حضرموت
يعبّر كثير من أبناء الجنوب عن قلقهم من أن هناك أطرافًا تسعى لزعزعة الاستقرار في حضرموت عبر استهداف قوات النخبة، سواء بشكل مباشر أو من خلال تشويه صورتها والتقليل من أدائها.
ويعتبر أبناء حضرموت أن هذا التوجه لا يمثل تهديدًا لقوة أمنية بعينها، بقدر ما يكشف عن مشروع أوسع هدفه إدخال الجنوب في دوامة من الفوضى الأمنية والسياسية.
وما يضاعف من حساسية هذا الملف، هو الارتباط الوثيق بين النخبة الحضرمية وبين التطلعات الجنوبية في بناء مؤسسات قوية وذات طابع وطني، تنبع من البيئة المحلية وتعبر عن الإرادة الشعبية، عوضًا عن القوى المفروضة من الخارج أو المرتبطة بأجندات حزبية.
رسالة من حضرموت: لا رجعة عن التمكين
الخطاب القادم من حضرموت لم يعد يحمل طابع المطالبة فقط، بل بات يجسد موقفًا واضحًا: لا بد من تمكين أبناء المحافظة، وعلى رأسهم النخبة الحضرمية، من إدارة شؤونهم الأمنية والإدارية، ويأتي هذا التوجه كجزء لا يتجزأ من المشروع الجنوبي الأشمل، الذي يسعى لاستعادة الدولة الجنوبية المستقلة على كامل ترابها الوطني.
وفي هذا السياق، فإن رفض أبناء حضرموت لأي شكل من أشكال التبعية أو الإقصاء بات أمرًا محسومًا، كما أن دعمهم للنخبة الحضرمية تجاوز مرحلة التأييد العاطفي وأصبح ركيزة سياسية وأمنية يعاد بناء المستقبل عليها.
إن التمسك الجنوبي بوجود النخبة الحضرمية، والدعوة إلى تمكينها، ليس خيارًا أمنيًا فحسب، بل هو تعبير عن إرادة شعبية وسياسية ناضجة تدرك حجم المخاطر، وتسعى إلى بناء نموذج ناجح في الحكم والإدارة والأمن، وفي حضرموت، كما في باقي مناطق الجنوب، تُكتب اليوم فصول جديدة من معركة الوعي والسيادة والكرامة.