آخر تحديث :الجمعة - 21 مارس 2025 - 02:50 ص

اخبار العالم


دراما البيض في أميركا: مشاهد وحكايات

الخميس - 20 مارس 2025 - 11:30 م بتوقيت عدن

دراما البيض في أميركا: مشاهد وحكايات

العين الثالثة/ متابعات

في يوم أحد، استقل عمار البدران سيارته. إلى جواره زوجته، فيما أجلس أطفاله الثلاثة في المقعد الخلفي.

إنه الموعد الأسبوعي لشراء طلبات المنزل.

تعيش الأسرة في مدينة أتلانتا، عاصمة ولاية جورجيا، جنوب شرقي الولايات المتحدة.

البيض عنصر أساسي في كثير من أطباق العائلة عراقية الأصل.

يستهلك الخمسة نحو 24 بيضة أسبوعيا.

قبل أشهر، كان عمار يشتري دزينتي البيض من متاجر كوسكو مقابل 7 دولارات.

أسعار أغلب المنتجات في ذلك المتجر عادة مخفضة.

لكنك تحتاج لاشتراك سنوي بقيمة 65 دولارا، كي يسمح لك بدخول المتجر.

أخذت أسعار البيض في الارتفاع تدريجيا دون سبب مُعلن.

ظن عمار أن السبب هو موسم الإجازات: من نوفمبر إلى أوائل يناير.

وجد نفسه يدفع 3 دولارات إضافية على نفس عدد البيضات.

سألتُه: هل توقفت عن شراء البيض أو ربما تقليل الاستهلاك؟

أجاب: "ما نقدر، بسبب الأطفال".

اللقطة الأولى
أمرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) بسحب ما يزيد عن ربع مليون بيضة من متاجر كوسكو في خمس ولايات بينها جورجيا، لاحتمالية تلوثها ببكتيريا السالمونيلا.

حتى الآن، لم ترفع(FDA) قرارها.

قرر عمار البحث عن بديل، رغم أن القرار يخص نوع محدد من البيض: Organic Pasture Raised.

هذا البيض يأتي من دجاج تربى في المزارع المفتوحة، ولم يتعرض لمبيدات أو هرمونات صناعية وفق المعايير المنظِمة.

وقع الاختيار على متجر كروجر، "12 بيضة بـ 9 دولارات"، يقول عمار.

ثمة مشكلة إضافية. لا يسمح المتجر للمستهلك بشراء أكثر من دزينة بيض في اليوم الواحد.

في المتجر عُقلت لافتة كُتب عليها: "بسبب نقص البيض على مستوى البلاد، قررنا تقييد البيع إلى 12 بيضة (كرتونة) للشخص الواحد، يوميا".

عَرِف عمار أن الأزمة تعود إلى تفشي إنفلونزا الطيور.

باتت العائلة تذهب جماعة للمتجر لشراء البيض. يشتري عمار طبقا، وتشتري زوجته الآخر، ثم يفترقان لدى الدفع حيث يحاسب كل منهما على حدة.

البيضة الروسية
صباح يوم ثلاثاء في ولاية كاليفورنيا، كانت ماكنزي فوموينا روبيش في المطبخ تعد الفطور لعائلتها، فبناتها يحببن البيض مقليا.

قبل يوم قادت ماكنزي السيارة إلى مدينة أوشن سايد على بعد 20 دقيقة، لتتلقى هدية غالية.

ادخرت لها أمها عددا من البيضات وضعتها دجاجات عشر تربيها في حديقة منزلها الخلفية.

شعرت ماكنزي بامتنان شديد. في كاليفورنيا، بات طبق من 24 بيضة يُكلفها 30 دولارا.

"قبل إنفلونزا الطيور كان بإمكاني شراء 150 بيضة مقابل 41 دولارا"، أخبرتني.

بدأت ماكنزي تكسر البيضات في طبق قبل أن تلقي بها إلى المقلاة.

بين البيضات واحدة غريبة الشكل، "طويلة على غير العادة".

كسرتها. "ماذا؟"، صاحت!.

وجدت ماكنزي بيضة ثانية أصغر ترقد داخل البيضة الغريبة.

كأنها دمى ماتريوشكا الروسية، التي تحاكي الأمومة: الدمية الأم تحمل بداخلها دمية أصغر (الطفل).

هرعت إلى الهاتف، التقطت فيديو.

على حسابها على إنستغرام نشرته تحت عنوان: "هكذا يبدو الفوز باليانصيب هذه الأيام".

عام 2023 جربت ماكنزي شعور الفرحة غير المتوقعة.

آنذاك فازت بلقب برنامج المسابقات التلفزيوني "The Great American Baking Show" للخبازين الهواة.

عَلّمت ماكنزي نفسها الخَبز وأتقنته تحت وطأة وباء كورونا.

الآن، مع تفشي إنفلونزا الطيور بدأت تجرب بدائل البيض في وصفاتها.

اكتشفت أن بإمكانها استبدال البيض بصلصة التفاح في كعكات بعينها: رغيف الموز(Banana bread)

"ربع كوب من صلصة التفاح يعادل بيضة واحدة"، تقول ماكنزي.

كلاكيت تاني مرة
عام 2006 عمّ هلع في مصر بسبب إنفلونزا الطيور.

حينها كنت أقطن قرية بمحافظة القليوبية، شمالي البلاد.

ما من بيت في القرية إلا وكان يربي نوعا من الطيور: الدجاج، الحمام، البط، الأوز.

أسطح المنازل في مصر عادة ما تُستخدم ساحات لتربية الطيور في أقفاص.

حملات التوعية بالعدوى أغرقت التلفاز.

تحدثتْ أغلب البرامج التلفزيونية ونشرات الأخبار عن الإجراءات الحكومية لمكافحتها.

شاعت في القرية أنباء عن غرامات ستفرضها الحكومة على من لا يذبح دجاجاته.

أتذكر جيدا أن أغلب أقاربي ذبحوا ما لديهم من طيور حتى فاضت ثلاجاتهم.

الآن بعد 19 عاما، أعيش الدراما ذاتها، لكن ببصمة هوليودية.

أعيش في شقة صغيرة في قلب العاصمة واشنطن. أقرب متجر إلى بيتي اسمه "Trader Joe’s"، أو بالمصرية: "دكانة عم جو".

اشترى بيض المراعي أو كما يسمى بالإنجليزية "Pasture-raised"، بعد بحث وتفحيص وتمحيص تبين أنه الأعلى قيمة غذائية.
حين وصلت هنا قبل 3 سنوات كان سعر الدزينة من هذا النوع يقترب من 3 دولارات. الآن لا يقل السعر عن 6 دولارات! وليتني أجده.

أذهب يوميا إلى المتجر، لأجد الأرفف فارغة.

اتصلت بهم قبل أيام.

- هل لديكم بيض اليوم؟ لا أريد أن آتي وأعود فارغة اليدين.

أجاب رجل على الهاتف: آسف، سيدتي، لقد نفد ما لدينا من البيض اليوم.

- متى يتوفر البيض إذا؟

- تعال غدا بمجرد أن نفتح عند التاسعة صباحا بالضبط.

المشهد المحذوف
يقود الناشط الأميركي الشهير جين باور حملة لتوعية الناس بإنفلونزا الطيور وأسباب تفشيها.

يلفت الأنظار إلى مشهد منسيّ وربما حُذف سهوا.

في إحدى منشوراته على إنستغرام، كتب: "أكثر من 99 في المئة من حيوانات المزرعة في الولايات المتحدة تتم تربيتها في مزارع صناعية تشكل أرضًا خصبة لمرض إنفلونزا الطيور وغيره من مسببات الأمراض".

"تتكدس آلاف الحيوانات، وفي بعض الحالات ملايين الحيوانات، في حظائر مليئة بنفاياتها، ودون نوافذ، ما يعرض الحيوانات والعمال لخطر الإصابة بالأمراض".

لجين (62 عاما) صوت مسموع في الأوساط الأميركية المعنية بصحة وسلامة الغذاء.

لعب دورا بارزا في معركة قضائية استمرت ثماني سنوات، انتهت بسن قانون كاليفورنيا لعام 2012، الذي يحظر إنتاج وبيع كبد البط والأوز: "فوا غراه" (foie gras).

وقتها لفت جين الانتباه إلى مشهد "تزغيط" البط والأوز (أي تسمينها)، للحصول على كبد أكبر عشرة أضعاف من الحجم الطبيعي.

لإنتاج (فوا غراه)، يقوم العمال بإدخال أنابيب في حلق البط أو الإوز وإطعامها قسراً كميات كبيرة من الحبوب.

العملية تسبب آلاما وضغوطات كبيرة للطائر. تؤدي لإصابته بمشاكل صحية محتملة، بينها أمراض في الكبد ذاته.

اتصلتُ به متسائلة عن سبب عودة إنفلونزا الطيور من جديد.

أخبرني: "عندما تزدحم المزرعة بآلاف الطيور، فإنها تنتج الكثير من الفضلات، وكلما زاد روث الحيوان ارتفعت احتمالية انتشار الجراثيم".

"قطاع تربية الطيور والحيوانات في الولايات المتحدة يعتمد بشكل كبير على المضادات الحيوية"، يضيف.

"لكن الفيروسات تتطور، تصبح أكثر ضراوة وأكثر قدرة على التغلب على الأدوية واللقاحات التي صممت للسيطرة عليها".

وبهذا فإن "الحيوانات كما البشر، يجب أن تعيش في بيئة صحية، حيث يتوفر هواء نقي ومياه نظيفة، لا محيط غارق بالميكروبات".

سألتُه عن بيض المراعي، وما يروج بأن الدجاج يُربّى في الهواء الطلق.

رد: "أنا لا أثق بالملصقات الدعائية.. الطريقة الوحيدة لمعرفة كيفية معاملة الحيوانات وظروف معيشتها هي زيارة المزرعة".

يشجع الناشط في مجال حقوق الحيوان الناس على زيارة المزارع القريبة منهم.

"الدور الذي يمكن أن نلعبه كمستهلكين، هو أن نصوت بأموالنا: بدعم الشركات التي لا تؤذي الحيوانات، ولا تخلق خطر الإصابة بالأمراض، ولا تضر بالبيئة، ولا تنتج طعامًا ضارًا بصحتنا".

نهاية فبراير هذا العام، أعلنت وزيرة الزراعة الأميركية، بروك رولينز، استراتيجية بقيمة مليار دولار للحد من إنفلونزا الطيور، وحماية قطاع الدواجن، وخفض أسعار البيض.

بيان للوزارة أوضح أن "تطوير لقاحات وعلاجات جديدة، فضلا عن تعزيز المراقبة البيولوجية"، من أبرز ما ستركز عليه الإستراتيجية المعلنة.


شاهد أيضًا

الزُبيدي يشهد مهرجانًا جماهيريًا حاشدًا في سقطرى ويؤكد: "نحن ...

الأربعاء/19/مارس/2025 - 03:01 ص

شهد القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، مساء اليوم الثلاثاء، المهرجان الجماهيري الحاشد الذي أق


الزُبيدي: سقطرى بوابة الجنوب البحرية، وتعزيز حضورنا فيها أول ...

الأربعاء/19/مارس/2025 - 02:51 ص

عقد الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، مساء اليوم الثلاثاء، اجتماعًا بالهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقال


الزُبيدي يطّلع على قدرات محطات الكهرباء الحديثة في الأرخبيل ...

الأربعاء/19/مارس/2025 - 02:13 ص

زار القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، اليوم الثلاثاء، محطة كهرباء نور زايد 1 للطاقة الشمسية


رسائل هامة من الزُبيدي في سقطرى.. ماذا قال؟ ...

الثلاثاء/18/مارس/2025 - 12:49 ص

أكد الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أن سقطرى تمثل جوهرة الجنوب وروحه النابضة، مشددً