آخر تحديث :الأحد - 08 سبتمبر 2024 - 04:18 ص

رياضة

بعد حادثة كندا ونيوزيلندا.. تعرف على تاريخ التجسس في كرة القدم

الجمعة - 26 يوليه 2024 - 06:02 م بتوقيت عدن

العين الثالثة/ متابعات

حتى الألعاب الأولمبية ليست لها قداسة؟!

نعم، أنت محق. ربما ليست لها أي قداسة إذا أخذنا في الاعتبار تاريخها الطويل في أحكام الفساد ومقاطعة الدول وانتشار المنشطات، وفق موقع "THE ATHLETIC".

ولكن الأخبار التي ظهرت الثلاثاء، قبل 3 أيام من حفل افتتاح أولمبياد باريس، وقبيل ساعات من أول منافسة في بطولة كرة القدم في دورة الألعاب الأولمبية 2024، تعني أن قيم اللعب النظيف الأولمبية باتت "في حالة يرثى لها"، حتى قبل أن ينشر المنظمون هذه الرسالة عبر سماء باريس وعلى طول نهر السين.

إن حقيقة أن كندا هي التي ارتكبت هذا الانتهاك الصارخ للقواعد، وهي دولة معروفة بتهذب واحترام وهدوء ولطف شعبها، لا تفعل شيئاً سوى أنها "تضيف إلى هذه الدراما الساخرة".

هناك 5 حلقات في الشعار الأولمبي. لتأخذ اثنتين متشابكتين منها فقط، وستجد أنهما تشبهان المنظار.

ماذا حدث؟
في يوم الثلاثاء وأثناء جلسة تدريبية قبل المباراة الافتتاحية لمجموعة سانت إيتيان الخميس، لاحظ أعضاء فرق نيوزيلندا للكرة النسائية طائرة مسيرة تحوم من فوقهم.

وعلى الفور اتصل المسؤولون عن الفريق بالشرطة الموجودة داخل الموقع، والتي قامت بدورها باعتقال مشغل المسيرة، والذي تبين لاحقاً أنه عضو عامل في الفريق الكندي، البطلات الأولمبيات والمنافسات في المباراة الافتتاحية في ذلك اليوم.

وفي بيان أولي، أعربت اللجنة الأولمبية الكندية (COC) عن اعتذارها، ولكن المزيد كان في الطريق.

ففي اليوم التالي، كان من الواضح أن هناك حادثتين بالطائرات المسيرة، حيث وقعت الأخرى قبل 5 أيام في 19 يوليو. والآن مع مواجهتها عقوبات قاسية، كان يجب على اللجنة الأولمبية الكندية، أن تتخذ إجراء ما.

إزاء ذلك تم طرد جوزيف لومباردي، المحلل غير المعتمد، وياسمين ماندر، عضوة الجهاز الفني التي تشرف على لومباردي، من الفريق، كما تنحى المدير الفني الإنجليزي للفريق الكندي بيفرلي بريستمان طواعية عن التواجد على خط التماس في مباراة نيوزيلندا.

وقال بريستمان: "نيابة عن فريقنا بأكمله، أود أولاً وقبل كل شيء أن أعرب عن بالغ اعتذاري للاعبات والأعضاء في كرة القدم النيوزيلندية وللاعبات في فريق كندا"، مشيراً إلى أن ذلك "لا يمثل قيمنا".

ولكن هذه الجملة الأخيرة يصعب تبريرها نظراً لأن التجسس على تدريب فريق آخر ليس عملاً عرضياً، وإنما يأتي كمنتج للثقافة والريادة.

التجسس ليس جديداً في كرة القدم
"ربما يكون هذا جديداً على الألعاب الأولمبية، ولكن التجسس ليس جديد في كرة القدم"، وفق "THE ATHLETIC".

وربما يسبق إرسال الفرق بعض المستطلعين لمشاهدة الطرف الآخر الذي ستواجهه أثناء التدريب اختراع قاعدة التسلل.

ومع ذلك، فإنه من باب الإنصاف أن نؤكد أننا لا نعرف ما إذ كان البطل الأولمبي القديم ثيغنيس، من ثاوسوس، قد أرسل مبعوثين لمراقبة أريشيون من فيغاليا، وفق ما كتبه الموقع.

وفي كرة القدم العالمية، لاحظ ديدييه ديشان، المدير الفني لمنتخب فرنسا، وجود طائرة مسيرة تحلق فوق رؤوس لاعبيه أثناء تدريبهم في كأس العالم 2014 في البرازيل. ولم يتم اكتشاف تبعية هذه المسيرة لأي فريق من الفرق المنافسة لهم في المجموعة، وهي الإكوادور وهندوراس وسويسرا.

وقبل عقدين آخرين، وقبل مباراة حاسمة خارج الديار في تصفيات كأس العالم عام 1993 أمام النرويج، كان مدير منتخب إنجلترا غراهام تايلور مقتنعاً بأن فريقه مراقب إلى حد أنه نقل التدريبات إلى منشأة عسكرية.

وكان هذا المكان الجديد على مقربة من منزل أحد كبار الكُتاب الرياضيين في إحدى الصحف النرويجية، الذي نشر تكتيكات الفريق الإنجليزي في صباح اليوم التالي. وخسرت إنجلترا بنتيجة 2-0 في أوسلو، وانتهى بها المطاف بعدم المشاركة في كأس العالم 1994، وتم إقالة تايلور.

وبالمثل، في حالة من حالات جنون العظمة، أرسل اتحاد كرة القدم التشيلي جهازاً خاصاً لتدمير طائرة مسيرة تحلق فوق جلسات التدريب قبل مباراة ضد الأرجنتين، لتكون أول حالة حرب جوية في عالم كرة القدم منذ التدخل سيء السمعة من قبل روي كين بحق ألفي هالاند.

في هذه الحالة تبين أن الطائرة المسيرة المشتبه بها كانت أداة مسح خاصة بشركة اتصالات تشيلية.

وفي مقابلة مع صحيفة Telegraph البريطانية، اعترف مدير تشيلسي السابق أندريه فيلاش بواش أنه خلال فترة عمله كمساعد في النادي اللندني تحت قيادة جوزيه مورينيو، كان يسافر إلى ملاعب التدريب، متخفياً في الغالب، "لمشاهدة الحالة الذهنية والبدنية لخصومنا قبل التوصل إلى استنتاجات". وفاز تشيلسي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز مرتين مع مورينيو وفيلاش بواش.

حالات تجسس عدة
ونظراً لكمية المعلومات التي يمكن للأندية المنافسة الحصول عليها، فإن بعض المدربين لا ينزعجون من مزاعم التجسس.

ففي عام 2018، استخدم نادي فيردر بريمن الألماني لكرة القدم طائرة بدون طيار للتجسس على فريق هوفنهايم المنافس، ولكن مدرب هوفنهايم يوليان ناغلسمان، الذي يشغل الآن منصب المدير الفني للمنتخب الوطني الألماني، تجاهل الأمر.

وقال ناغلسمان: "لست غاضباً حقاً من قيام المحلل بعمله"، قبل أن يضيف أنه "من الجدير بالثناء" أن بريمن بذل كل هذا الجهد لمحاولة الفوز.

وفي حالة شبيهة، يتذكر المهاجم السابق غاري تايلور فليتشر حادثة وقعت مع فريقه لينكولن سيتي في مباراة إياب نصف نهائي دوري الدرجة الثانية موسم 2003- 2004 خارج ملعبه أمام هدرسفيلد تاون.

فبينما كان لاعبو لينكولن يتلقون التعليمات بين الشوطين، صرخ تايلور فليتشر، حيث انكسر بلاط السقف المصنوع من البوليسترين قبل أن يسقط، ما كشف عن الثقل الكبير لآندي بروك، مدرب هيدرسفيلد، الذي كان يحاول أن يسترق السمع منذ فترة طويلة من التجويف أعلاه.

واستمر لينكولن في خسارة المباراة، فيما فقد خصومه كرامتهم، ولكن انتهى بهم الأمر إلى الترقية. ولا يمكن أن يكون تايلور فليتشر منزعجاً جداً لأنه غادر لينكولن بعد مرور عام إلى هيدرسفيلد.

وتلقى فريق ماكلارين للفورمولا 1 أكبر غرامة في تاريخ الرياضة، والتي بلغت 100 مليون دولار، كما تم إقصاؤه عن بطولة Constructors لعام 2007، بعد أن حصل كبير المهندسين مايك كوغلان على وثائق التصميم الفني التي تم تسريبها من منافسيه في فيراري.

وهناك أيضاً العديد من الحوادث البارزة في كرة القدم الأميركية. ففي عام 2007 أيضاً، واجه فريق نيو إنغلاند باتريوتس، وهو الفريق الأكثر نجاحاً في الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية في السنوات الأخيرة بتسجيله 6 انتصارات في بطولة Super Bowl منذ مطلع القرن، عقوبات بسبب تسجيله الإشارات الدفاعية التي أعطيت للاعبين أثناء المباراة من قبل مدربي نيويورك غيتس.

وتم تغريم المدرب الأسطوري لفريق نيو إنغلاند بيل بيليشيك مبلغ 500 ألف دولار، وهو الحد الأقصى الذي يسمح به الاتحاد، والأكثر في تاريخ اتحاد كرة القدم الأميركية، في حين تم حرمان أعضاء الفريق من اختيارهم في الجولة الأولى في مسودة اللاعبين في العام التالي.

هذه إذا هي الخلاصة.. "الفرق الرياضية تمارس الغش والتدليس"، وفق موقع "THE ATHLETIC".

وبالعودة إلى الألعاب الأولمبية القديمة، تكشف الروايات المعاصرة عن حصول الرياضيين على رِشى ليقولوا إنهم ينتمون إلى دول أو مدن معينة دون أخرى، ليواجهوا عقوبة محتملة بالجلد العلني إذا تم إلقاء القبض عليهم.

ولم تتغير الأمور كثيراً. كما أن العقوبة، على الأقل بالنسبة للسمعة العامة للطرف المذنب، ليست مختلفة كثيراً أيضاً. والفرق مستعدة لتحمل هذه المخاطرة.